فأعطاه سواري كسرى ومال: البسهما ففعل فقال: قل الله أكبر فقال: الله أكبر، قال: فقل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة بن جعشم أعرابياً من بني مدلج وإنما ألبسه إياهما؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لسراقة ونظار إلى ذراعه:"كأني بك وقد لبست سواري كسرى" ولم يجعل له إلا سواريه وجعل يقلب بعض ذلك بعضاً، ثم قال: إن الذي أدى هذا الأمين، فقال قائل: أنا أخبرك أنك أمين الله وهم يؤدون إليك ما أديت إلى الله فماذا ارتعت رتعوا. قال: صدقت ثم فرقه. قال الشافعي: وأخبرنا الثقة من أهل المدينة، قال: أنفق عمر رضي الله عنه على أهل الرمادة في مقامهم حتى وقع مطر فترجلوا فخرج عمر راكباً إليهم فرساً ينظر إليهم كيف يترحلون فدمعت عيناه، فقال رجل من محارب خصفه: أشهد أنها انحسرت عنك ولست بابن أمية، فمال عمر رضي الله عنه: ويلك ذاك لو كنت أنفق عليهم من مالي أو مال الخطاب إنما أنفق عليهم من مال الله عز وجل".
قال في الحاوي: أما أرزاق الجيش وكتابهم وقضائتهم وأثمهم ومؤذنيهم وعمالهم ففي أربعة أخماس الفيء على القولين معاً، وأما أرزاق القضاة بين الكافة وولاة الأحادث هم أصحاب الشرط وأئمة الجوامع والمؤذنون فيها فإن قيل: إن أربعة أخماس الفيء مصرف في المصالح أعطوا منها أرزاقهم وان قيل: إنه ملك الجيش لم يجز أن يعطوا منه وأعطوا من سهم المصالح من الخمس وهو سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المصروف بعده في وجوه المصالح، وإذا وجا الإمام متطوعاً بالقضاء والإمامة والأذان لم يجز أن يعطى عليه رزقاً وإذا وجد مرتزقاً بأقل من أجرة مثله لم يجز له أن يكمل له جميع أجرته، فإن لم يجد إلا مستوفياً لأجرته وفاه ولا يزيد على أجرة مثله، لأنه في مال المسلمين بمنزلة الولي في مال اليتيم.
فأما عمال الصدقات فأرزاقهم منها، ولا يجوز أن يرزقوا من مال الفيء على القولين معاً؛ فأما مال الفيء ومال الصدقات فقد ذكرنا أنهما مختلفان ومصرفهما متميزان لا يجوز أن يشرك بينهما ولا أن يعال بأحدهما إلى مصرف الآخر، وان خالف فيه من قهره بالدليل، والله ولي التوفيق.
[باب ما لم يوجف عليه من الأرضين بخيل ولا وكاب]
مسألة (١)
قال الشافعي رحمه الله: "كل ما صولح عليه المشركون بغير قتال خيل ولا ركاب فسبيله سبيل الفيء على قسمه وما كان من أرضين ودور فهي وقف للمسلمين يشتغل ويقسم عليهم في كل عام كذلك أبداً. قال: وأحسب ما ترك عمر رضي الله عنه من