والثاني: لا يصير حلالاً حتى يتحلل لأن الأصل هو الحصر بالعدو، وهناك لابد من إنشاء التحلّل كذلك ههنا. وقال بعض أصحابنا بخراسان: إذا قلنا: يجوز الشرط، فهل يجوز على هذا الوجه؟ وجهان:
أحدهما: لا يجوز، والفرق أن للمتحلل مدخلاً في الحج فيجوز شرطه، وليس لمصيره حلالاً بالعذر أصل في الشرع، فلا يصح شرطه أصلاً.
فَزعٌ أخرُ
إذا قلنا: يتحلل من غير فعله فلا إشكال أنه لا يلزمه الهدي، وإذا قلنا: يتحلل بفعله نص الشافعي - رضي الله عنه - أن لا هدي عليه ومن أصحابنا من قال: عليه الهدي، لأنه إذا افتقر إلى التحلّل كان بمنزلة الإحصار بالعدو، وهذا غلط، والفرق بين الإحصار بالعدو وبين هذ أن الإحرام المطلق يقتضي تمامه، فإذا أحصر قبل التمام وجب الهدي بدلاً مما ترك من الأعمال، وأما إذا اشترط الخروج منه لم يتضمن إحرامه بإتمامه مع العارض، وصار إحرامه منتهياً إلى حين وجود الشرط، فلم يحتج إلى هدي يقوم مقامه.
فَزعٌ أخرُ
لو كان الشرط معلقاً على غير تحلل مثل أن قال: أحرمت بحج على أني إذا شئت خرجت منه لم يثبت هذا الشرط بلا خلاف، لأنه ليس فيه غرض صحيح.
فَزعٌ أخرُ
لو قال: أن مرضت وفاتني الحج كان عمرة كان على ما شرط.
باب حصر العبد يحرم بغير إذن سيده [٢٣٧/ب]
مَسْأَلٌة: قال: وإذا أحرم العبد بغير إذن سيده والمرأة بغير إذن زوجها.
الفضل
قد ذكرنا حكم إحرام العبد فيما تقدم أنه ينعقد وأن للسيد أن يحلّله منه، وهكذا حكم العبد المعتق بعضه، والمدبر وأم الولد. وأما المكاتب، فله منعه أيضًا منه، وهل له أن يسافر للتجارة؟ قولان. والفرق بين السفرين أن سفر الحج يتضمن إتلاف المال، وسفر التجارة لا يتضمن إتلاف المال. ومن أصحابنا من قال: في سفر الحج وجهان بناء على القولين في سفر التجارة.
وأما إذا أرادت المرأة أن تحج حجة الإسلام، فهل لزوجها أن يمنعها منه؟ فيه قولان:
أحدهما: أن له منعها، وهو الصحيح المشهور لما روى الدارقطني بإسناده عن ابن عمر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال في امرأة لها زوج ولها مال، ولا يأذن لها زوجها في الحج:"ليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجه"، ولأن الحج على التراخي على ما ذكرنا، وحق الزوج على الفور فكان مقدماً عليه.
والثاني: ليس له منعها. وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد: لأنها عبادة واجبة