عليها، فلا يكون لزوجها منعها منها كالصلاة والصوم، وهذا غلط. والفرق بين هذا وبين الصوم والصلاة أن مدّتها تقصر فلا تؤدي إلى الضرر بالزوج بخلاف الحج، فإذا قلنا: له منعها، فإن أحرمت بإذنه صح، وليس له أن يحلّلها، وإن أحرمت بغير إذنه، هل له أن يحلّلها؟
قال في "المناسك الكبير": فيه قولان:
أحدهما: له أن يحلّلها كما كان له منعها في الابتداء.
والثاني: ليس له تحليلها، لأن الفرض قد ضيق عليها الشروع فيها، وفي الابتداء لم يكن مضيقاً، وحق الزوج مضيق، فقدمناه كما لو كان عليها صوم القضاء والكفار، كان للزوج منعها منه [٦٣٨ /أ].
قال القاضي الطبري: وعندي أنه لا يجوز له أن يمنعها من قضا، الصوم في آخر السنة، لأنه لا يجوز له إخراجه إلى السنة الثانية، ولهذا أوجبنا الفدية فيه وجعلناها مشرطة به.
فَزعٌ أخرُ
إذا أرادت حج التطوع له منعها منه قبل الإحرام، فإن أحرمت به، قال الشافعي - رضي الله عنه -: إذا أحرمت بالغرض، فمن قال: لا يحلّلها منه لزمه عندي أن يقول: إذا أحرمت بحج النفل بغير إذنه ليس له أن يحلّلها منه. فمن أصحابنا من قال: هذا قول آخر في النفل أنه ليس له تحليلها، ففي النفل قولان أيضًا، لأن التطوع يلزم بالدخول فيكون كالفرض، ومن أصحابنا من قال وهو الصحيح. ذكر هذا على طريق التشنيع، لأنه ذكر مع حجة التطوع صوم التطوع والاعتكاف، فعلى هذا له تحليلها منه قولاً واحداً، وهذا لأن في الفرض غرضاً صحيحاً، وهو إسقاط الفرض عن ذمتها بخلاف التطوع.
فَزعٌ أخرُ
الأمة إذا أحرمت بالتطوع يحلّلها سيدها قولاً واحدًا لأن الأمة ليست من أهل فرض الحج بحال، فإذا أحرمت لم يلتحق نفلها بالفرض بخلاف الحرة. قال القفال: فعلى هذا يجب إذا كانت زوجته أمة، فأحرمت، فللزوج أن يحلّلها قولاً واحدًا، ومن أصحابنا من فرق بين السيد والزوج بأن أوقات الأمة وأكسابها لسيدها بخلاف الزوجة، فعلى هذا الزوجة الحرة والزوجة الأمة سواء إذا أحرمتا بالتطوع.
فَزعٌ أخرُ
الأمة المزوجة إذا أرادت الحج تحتاج إلى إذن سيدها وزوجها، فإن أذن أحدهما كان للأخر منعها منه. وروى ابن سماعة عن محمد أنه إذا أذن السيد جاز لها ذلك، وإن لم يأذن الزوج لأن السفر حق للسيد، [٢٣٨/ب] ولهذا يجوز له أن يسافر بها، وهذا غلط، لأن فيه تعطيل منفعتها على الزوج لا لمنفعة السيد، فلم يكن لها ذلك،