فالجواب عنه: أن الحدود وجبت عليهم لمخاطبتهم بها وارتكابهم لموجبها, والإمام مستوف لها, فإن عجز عنها كف, وإن قدر عليها أقامها والله أعلم.
[باب حكم المرتد]
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "ومن ارتد عن الإسلام إلي أي كفر كان مولودًا على الإسلام أو أسلم ثم ارتد قتل".
قال في الحاوي: أما الردة في اللغة فهي الرجوع عن الشيء إلي غيره, قال الله تعالى: {ولا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة ٢١].
وأما الردة في الشرع: فهي الرجوع عن الإسلام إلي الكفر. وهو محظور لا يجوز الإقرار عليه.
قال الله تعالى: {بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ} [المائدة ٥].
وقال تعالى: {ومَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ} [البقرة ٢١٧].
وقال تعالى: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء ١٣٧].
وفيها ثلاثة أقاويل:
أحدهما: أنهم اليهود, آمنوا بموسى ثم كفروا بعبادة العجل, ثم آمنوا بموسى بعد عوده, ثم كفروا بعيسى, ثم ازدادوا كفرًا بمحمد صلى الله عليه وسلم وهذا قول قتادة.
والثاني: أنهم المنافقون, آمنوا ثم ارتدوا, ثم آمنوا ثم ارتدوا ثم ازدادوا كفرًا بموتهم على كفرهم. وهذا قول مجاهد.
والثالث: أنهم قوم من أهل الكتاب قصدوا تشكيك المؤمنين, فكانوا يظهرون الإيمان ثم الكفر مرة بعد الأخرى ثم ازدادوا كفرًا بثبوتهم عليه. وهذا قول الحسن.
فإذا ثبت حظر الردة بكتاب الله تعالى فهي موجبة للقتل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع صحابته رضي الله عنهم.
روى أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من بدل دينه فاقتلوه".
وروى عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: