قال الله تعالى:{والَّذِينَ يَبْتَغُونَ الكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ}[النور: ٣٣]، الآية.
الكتابة لفظة وضعت لعتق على مال منجم إلى أوقات معلومة يحل كل نجم لوقته المعلوم، وإنما سميت نجومًا لأن العرب كانوا أميين لا يحسبون ولا يكتبون وكانوا يحفظون أوقات السنة وفصولها التي ينتهون فيها ويرجعون إلى محاضرهم ويرسلون فيها الفحول وينتظرون النتاج بالأنواء في طلوع نجم وسقوط رقيبه وجميع ذلك ثمانية وعشرون نجمًا كلما طلع منها طالع سبقط ساقط، [٤٢/ أ] وهي التي جعلت منازل القمر، قال الله تعالى:{والْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ}[يس: ٣٩]، وكانوا يقولون في الدية: تلزم الرجل نجومًا ليكون أرفق به، وكان الضامن للحق يقول: إذا طلع نجم الثريا أديت من حقك كذا وكذا، وإذا طلع الدبران وفيتك كذا وكذا، وإنما جعل مال الكتابة في الإسلام منجم لأن المكاتب لو جمع عليه نجومًا في أوقات شتى ليتيسر عليه تعجيل شيء بعد شيء ويكون أسلم من الغرر. وأصل الكتابة، ضم شيء إلى شيء، يقال: كتبت النغلة إذا ضم ما بين شفري فرجها بحلقة أو سير، وكتبت القربة إذا ضم فمها وأوكئ عليه، وسمى الكتيبة من الخيل لتتابعها واجتماعها، وسمي الخط كتابة لضم بعض الحروف إلى بعض فلما كانت الكتابة متضمنة لنجم بعد نجم سميت كتابة لكتب نجم إلى نجم، وقيل: سميت كتابة للعرف الجاري بكتابته في كتاب وثيقة يوقع فيه الشهادة.
والأصل في الكتابة: الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى:{والَّذِينَ يَبْتَغُونَ الكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ}[النور: ٣٣]، الآية. قال ابن عمر وابن عباس: أراد بالخير القدرة على الكسب والاحتراف، وقال الحسن وطاوس والثوري وقتادة: إنه الرشد والصلاح في الدين. وقال الشافعي وأبو حنيفة ومالك: إنه الكسب والأمانة ليكون بالكسب قادرًا على الأداء وبالأمانة موثوقًا بوفائه، وبه قال عمرو بن دينار ومجاهد. وقال ابن عمر رضي الله عنهما: يكره أن يكاتب العبد [٤٢/ ب] إذا لم يكن له حرفة، وقال مكحول: أراد به الكسب. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه أراد أمانة ووفاء، وقال الكلبي سبب