للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوا أسفا إن كان سعيك باطلًا ويا حسرتا إن كان حجّك ناقصا

وأحمد هذا بصري، مالكي المذهب بعدّ من زهّاد البصرة وعلمائها.

بَابُ دُخول مكّة

مسألة: قالَ (١): وأحب للمحرم أن يغتسل.

يستحبّ للمحرم إذا أراد دخول مكة أن يغتسل بذي طوى، وهو من سواد مكة قريب منها، ولا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك لما روى ابن عمر رضي الله عنه، قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة أحرم من ذي الحليفة، ثم أتى طوى فبات بها، فلما أصبح اغتسل ثم دخل من كداء من أعلى مكّة وخرج من كداء من أسفل" مكة (٢) [٩٩/أ]، وروي نافع عن ابن عمر: أنه إذا كان خرج حاجًّا أو معتمرًا بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل، ثم يدخل مكّة نهارًا، ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم (٣) فعله وقال في "الأوسط" (٤): أحبُّ للمحرم إذا أراد دُخول مكة أن يغتسل في طرفها وأراد ما ذكرنا، وهذا لأنه موضع جمع وزينةٍ، فالمستحبّ أن يكون على أكمل أحواله من التنظيف والغسل، ولا يجب ذلك لأنه غسل لأمرٍ مستقبلٍ، وهو دخول مكة فأشبه غسل العيدين، ويستحبُّ ذلك للحائض، والنفساء كما يستحب للطاهرة والصغير والكبير لحديث أسماء وعائشة رضي الله عنهما حين حاضت، وقال عليه السلام لعائشة رضي الله عنها حين حاضت: "افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت"، ويختار للغسل ذو طوى لأن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل

مسألة: قالَ (٥): ويدخل من ثنية كداء.

المستحبّ أن يدخل مكة من ثنية كداء من أعلى مكّة ويخرج من ثنية كداء من أسفل مكة والأعلى عند طريق منى، والأسفل عند طريق العمرة "لما روت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل مكة من أعلاها، ويخرج من أسفلها" (٦)، وروي عنها أنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح من كداء أعلى مكّة ودخل في العمرة من كداء (٧). وكداء ممدود وكداء ثنيتان، ثم النزول بذي طوى والدخول من ثنية كداء لمن جاء من طريق المدينة، فأمّا من سائر الأقطار يحتاج إلى أن يدور حول مكة حتى يدخل من هذا الطريق ويشقّ عليه ذلك، فلا يستحب ذلك وبمثله [٩٩/ب] يستحبّ لجميعهم الدخول في المسجد من باب بني شيبة، والفرق من وجهين:

أحدهما: أن ذلك القدر لا يشقّ، وهو أن يدور حول بعض المسجد إلى أن يصل إلى باب بني شيبة وهناك يشقّ.


(١) انظر الأم (٢/ ٧٣).
(٢) أخرجه البخاري (١٥٧٣)، ومسلم (٣٠/ ١١١٨).
(٣) أخرجه البخاري (١٥٧٤).
(٤) انظر الأم (٢/ ١٧٧).
(٥) انظر الأم (٢/ ٧٣).
(٦) أخرجه البخاري (١٥٧٨).
(٧) أخرجه البخاري (١٥٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>