للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن ثنية كداء كان على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخوله منه كان اتفاقًا لا قصدًا، وباب بني شيبة لم يكن على سمت دخوله فإن الداخل من طريق المدينة أول ما يصل يصل إلى باب إبراهيم، فدل أن الفصل في باب بني شيبة أشد حيث تكلّف النبي صلى الله عليه وسلم ذكره الفقال.

فرع

لا فرق بين الليل والنهر، فإن شاء دخل ليلًا، وإن شاء دخل نهارًا، ولا فرق لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها ليلًا حين اعتمر من الجعرانة ودخلها في عمرة القضاء، وعام الفتح نهارًا، وقال جابر: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة حين ارتفعت الضحى، وقال أبو إسحاق: دخولها نهارًا أولى. وبه قال ابن عمر والنخعي وإسحاق، وقالت عائشة وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير: دخولها ليلًا أولى.

فرع آخر

لا فرق بين أن يدخلها راكبًا أو ماشيًا أو حافيًا في الإباحة والمشي أفضل، وقال بعض العلماء: المستحبّ أن يَدخلها راكبًا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم راكبًا. وقال بعضهم: المستحبّ أن يدخلها ماشيًا حافيًا لقوله تعالى لموسى عليه السلام: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إنَّكَ بِالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى} [طه: ١٢]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد حجّ هذا البيت سبعون نبيًا كلهم خلعوا نعالهم من ذي طوى تعظيمًا للحرم" (١)، قال أصحابنا: ويستحبّ أن يدخلها بخشوع قلب وخضوع جسد داعيًا بالمعونة والتيسير [١٠٠/أ]، ومكّة وبكّة واحدة، وقيل مكّة الحرم كله وبكّة اسم البيت، وقيل: مكة الحرم وبكة المسجد كله.

مسألة: قالّ (٢) وإذا رأى البيت.

الفصل

إذا دخل مكة يبدأ بالقصد نحو البيت لا يشتغل بشيء آخر. وقال إذ رأى البيت: اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة وزد في شرفه وعظمة ممن حجّة أو اعتمر تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا وبرًا لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت قال ذلك (٣)، ونقل المزني: لمن عظم البيت تكريمًا ومهابةً كما ذكر البيت، وهو غلط، ولفظ الشافعي في "الأم": وبرًا على ما ذكرنا، وهذا لفظ الخبر، وهو الأليق لأن المهابة للبيت لا لمن عظمه والبر به أليق، وقيل: ما ذكر المزني مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم مرسلًا، رواه ابن جريج، وهذا الدعاء لما روي أبو أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تفتح أبواب السماء وتستجاب دعوة المسلمين عند رؤية الكعبة".

قال الشافعي (٤): ونقول بعد هذا الدعاء: اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٣٢)، وابن ماجه (٢٩٣٩).
(٢) انظر الأم (٢/ ٧٤).
(٣) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٩٢١٣)، وفي "معرفة السنن" (٢٩٠٧).
(٤) انظر الأم (٢/ ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>