للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسلام، وهذا لما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول ذلك (١)، وروي مثله عن سعيد بن المسيب (٢) ويليق بهذا المكان، وقوله: أنت السلام اسم من أسماء الله تعالى، ومنك السلام يعني من الآفات، فحينا ربنا بالسلام، يعني أجعل تحيتنا في وفودنا عليك السلام من الآفات. وقال سعيد بن المسيب: سمعت عمر يقول كلمة ما سمعها منه غيري، سمعته يقول هذا حين رأى البيت، وروي ابن جريج [١٠٠/ب] عن بعض السلف أنه كان إذا رأى البيت يقول: اللهم إنا نحلّ عقدة ونشدّ أخرى ونهبط واديًا ونعلو آخر حتى آتيناك غير محجوب أنت أعنا إليك خرجنا - وقيل حججنا - فارحم ملقى رحلنا بفناء بيتك، قال الشافعي: وأحبّ أن يقول هذا ذكره القفال ويستحب أن يرفع يديه إذا رأى البيت، ثم يقول هذا الدعاء، نصّ عليه في "الجامع الكبير"، وذكره القاضي أبو حامد في "جامعه".

وقال في "الإملاء": ليس في رفع اليدين شيء أكرهه ولا أستحبه ولكنه حسن للخبر في ذلك، والمراد بالخبر ما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ترفع الأيدي في سبعة مواطن: افتتاح الصلاة، واستقبال البيت وعلى الصفا والمروة، والموقفين، والجمرتين" (٣). وروى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ترفع الأيدي في استقبال البيت" (٤). وروي عن ابن عمر أنه كان يرفع اليد عند رؤية البيت، ومثله عن مالك أنه كان لا يرى ذلك، واحتجّ بما روي عن المهاجر المكّي قال: سئل جابر رضي الله عنه عن الرجل يرى البيت يرفع يديه، فقال: ما كنت أرى أحدًا يفعل هذا إلا اليهود، وقد حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن يفعله" (٥)، وهذا غلط لما ذكرنا، لأنه زائد ومثبت وهو أولى، وقد قيل المهاجر المكي مجهول، وأما التكبير عند رؤية البيت لا يعرف للشافعي أصلًا، وقال بعض أصحابنا: إذا رآه كبّر وليس بشيء.

مسألة: قالَ (٦): ويبتدئ الطواف باستلام الحجر.

إذا دخل مكة يدخل المسجد ولا يعرج على شيء غير الطواف بالبيت، ويؤخر تغيير ثيابه واكتراء منزل [١٠١/أ] ينزلهُ حتى يفرغ من الطواف لأنه تحية البيت فيبدأ به كما يبدأ إذا دخل المسجد بركعتين تحية، وهذا لأن البيت أفضل من سائر المساجد، فكانت تحيته أفضل من تحية سائر المساجد، والطواف أفضل من الصلاة،


(١) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٩٢١٦)، وفي "معرفة السنن" (٢٩٠٨).
(٢) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٩٢١٥)، وفي "معرفة السنن" (٢٩٠٩).
(٣) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٩٢١٠)، وفي " معرفة السنن" (٢٩١٠).
(٤) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٥/ ٧٣)، وفي " معرفة السنن" (٤/ ٤٩).
(٥) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٩٢١١، ٩٢١٢)، وفي "معرفة السنن" (٤/ ٤٩).
(٦) انظر الأم (٢/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>