للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ينزل الله تعالى على هذا البيت عشرين ومائة رحمة، ستون منها للطائفتين وأربعون للمصلين، وعشرون للناظرين" (١). وروى أبو هريرة بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أكرم سكان أهل السماء الذين يطوفون حول عرشه، وأكرم سكان أهل الأرض الذين يطوفون حول بيته" وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من طاف بهذا البيت أسبوعًا فأحصاه كان كعتق رقبته" (٢). وقال أيضًا: "لا يرفع قدمًا، ولا يضع أخرى إلا حطّ الله عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة"، وروي ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من طاف بالبيت خمسين مرة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" (٣). وروي جابر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عند ارتفاع الضحى، فأناخ راحلته عند باب بني شيبة ودخل المسجد، فاستلم الحجر، ثم طاف" ويسمى هذا الطواف طواف القدوم، وطواف الورود، وطواف التحية.

فإن قيل: فهلا قلتم: إنه يركع ركعتين تحية لدخول المسجد؟ قلنا: لأن المقصود من دخول هذا المسجد الكعبة، فأمرنا بالطواف الذي هو تحية الكعبة، فإن قيل: إذا طاف ينبغي أن يركع ركعتين تحية المسجد؟ قلنا: إذا فرغ من الطواف ركع خلف المقام ركعتين وتسقط تحية المسجد بها ألا ترى أنه إذا دخل المسجد والإمام في المكتوبة يصلى المكتوبة معه وتسقط تحية المسجد؟ ولأن المقصود من تحية المسجد ألا يدخل المسجد لاهيًا، [١٠١/ب] فإذا طاف فقد زال هذا المعنى، فإذا تقررّ هذا، فاعلم أنه لا يختص هذا الحكم بالحاج بل هول يستحب لكلّ من دخل مكّة، وإن كان تاجرًا، ويستحبّ أن يدخل من باب بني شيبة لما روى عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل من باب بني شيبة، وخرج من باب نبي مخزوم (٤)، ولو دخل والإمام في الفريضة.

قال الشافعي (٥): يبدأ بالصلاة لأن الجماعة في المكتوبة سنة مؤكدة وفي بدايته بالطواف فوات الجماعة، وليس في بدايته بالجماعة فوات الطواف، فكان الأولى البداية بالصلاة، قال (٦): وإن دخل، وقد تقاربت إقامة الصلاة، بدأ بالصلاة، فإن بدأ بالطواف ثم أقيمت الصلاة، قطع الطواف وصلى ثم بني على طوافه وأتمه ويختار أن يقطعه على وتر فإن قطعه على شفع جاز ويخرج من الطوفة عند الحجر الأسود ليكون قد أكملها. وروي عن ابن عمر أنه كان يطوف، فإذا أقيمت الصلاة صلى مع الإمام ثم بني على طوافه، وإن دخل، وقد ضاق وقت المكتوبة بدأ بها لأن إخراج المكتوبة عن وقتها لا يجوز وهكذا إذا خاف فوت الوتر بطلوع الفجر بدأ بالوتر، وكذلك إذا خاف فوت ركعتي الفجر بدأ بهما لأنهما نافلتان مؤكدتان، وقد قال الشافعي: ومن تركها كان


(١) أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (ص ٣٢٥، ٣٢٦)، وفيه ابن جريج مدلس.
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ٩٥)، والحاكم (١/ ٤٨٩)، والطبراني في "الكبرى" (٢/ ٣٩٢).
(٣) أخرجه ابن عدي في "الكامل" (٤/ ١٣٣٨).
(٤) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٩٢٠٩).
(٥) انظر الأم (٢/ ١٤٥).
(٦) انظر الأم (٢/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>