للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لا عقر في الإسلام". وأراد أن أهل الجاهلية كانوا يفعلون ذلك يعقرون الإبل عند قبر الميت الجواد، يقولون: تجازيه على فعله لأنه كان يعقرها في حياته فيطعمها الأضياف، فنحن نعقرها عند قبره ليأكلها السباع والطير فتكون مطعماً بعد مماته كما كانت مطعماً في حياته، ومنهم من قال: إذا عقرت راحلته عند قبره حشر في يوم القيامة راكباً، وكان هذا على مذهب من يرى البعث بعد الموت، وعندنا في الجبال يذبحون الشياه ويجمعون الناس ويتكلفون في ذلك مع لحوق المشقة بالورثة لفقرهم واحتياجهم، وهذا أيضاً مكروه.

[باب الشهيد ومن يصلي عليه ويغسله]

مسألة: قال: والشهداء الذين عاشوا وأكلوا الطعام.

الفصل

وهذا كما قال. وجملته أن الشهيد المعروف: هو الذي يقتل في معترك المشركين بغير حق، يدفن بثيابه ودمه، هكذا السنة. فإن شاء الأولياء بتبديل ثيابهم بأكفان حسنة كان لهم ذلك وهم بالخيار في ذلك لأن ما على بدنه صار ملكهم، وبه قال أحمد.

وقال أبو حنيفة ومالك: لا تذع عنه ثيابه ويكفن فيها، وهذا غلط لما روي [٣١٥ أ/٣] أن صفية بنت عبد المطب أنفذت ثوبين ليكفن بهما حمزة رضي الله عنه، فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً فعل به مثل ما فعل بحمزة فكفنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثوب وكفن حمزة في ثوب؛ ولأن الكفن لا يتعين كما في غير الشهيد ولا يغسل هذا الشهيد ولا يصلى عليه عندنا، وبه قال الأوزاعي، ومالك، وأحمد، وإسحاق.

وقال أبو حنيفة والثوري: إنه لا يغسل واختاره المزني، وروي ذلك عن ابن محمد رضي الله عنه، واحتج بما روى شداد بن الهاد أن رجلاً من الأعراب جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - واتبعه، وقال: أهاجر معك؟ فأوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به بعض أصحابه ثم غزا معه غزوة غنم فيها فقسم له، فقال يا رسول الله: ما هذا؟ قال: "قسمت لك"، فقال ما على هذا اتبعتك، ولكن اتبعتك على أن أرمى هنا وأشار إلى عنقه بهم فأموت فأدخل الجنة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن يصدر الله تعالى يصدقه" فلبثوا قليلاً ثم نهضوا إلى العدو فحمل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك الأعرابي وقد أصابه سهم حيث أشار إليه بيده فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -[٣١٥ ب/٣]: "أهو هو" قيل: نعم يا رسول الله فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صدق الله فصدقه" وكفنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقدمه وصلى عليه. وهذا غلط لما روى جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في

<<  <  ج: ص:  >  >>