شهداء أحد:"أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة". وأمر بدفنهم بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا، وروى أنس نحو ذلك، وروي أنه قال:"زملوهم بكلوئهم ودمائهم فإنهم يبعثون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دماء اللون لون الدم والريح ريح المسك"، فإن قيل: قد روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين" قلنا: خبر ابن عباس رواه الحسن بن عمارة وهو متروك الحديث، وأنكر شعبة روايته لهذا الحديث أو نحمله على الدعاء لأنها لا تؤخر الصلاة الواجبة ثماني سنين ولا تتكرر الصلاة على الميت، وقال أنس:"لم يصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أحد من الشهداء غير حمزة"، وقال: لما رأى المثلة به لولا أن صفية في نفسها لتركته حتى تأكله العافية حتى يحشو من بطونها والعافية السباع والطير التي تقع على الجيف فتأكلها فإن قيل: [٣١٦ أ/٣] إذا سقط الغسل والصلاة وجب أن يسقط التكفين، قلنا: التكفين ضرب من الستر والمواراة، وفي تركه هتك حرمته فلم يسقط كالدفن والغسل للتطهير والصلاة للشفاعة وهو مستغن عن التطهير، لأن السيف قد طهره فلا يحتاج إلى شفاعة أحد.
فرع
لا فرق في الشهيد بين البالغ والصبي، والرجل والمرأة والعاقل والمجنون والحر والعبد. وقال أبو حنيفة: لا يثبت حكم الشهادة لغير البالغ لأنه ليس من أهل القتال ولا يحتاج إلى الشهادة، لأنه لا ذنب له وهذا غلط، لأنه مسلم قتل في معترك المشركين فأشبه البالغ وما قاله يبطل بالمرأة.
فَرْعٌ آخرُ
القتل الذي يثبت حكم الشهادة هو أن يقتل المسلم في معترك المشركين بسبب من أسباب قتالهم، مثل أن يقتله المشركون أو يحمل على قوم منهم فيتردى في بئر أو يقع من جبل، أو يسقط من فرسه أو يرفسه فرس غيره، أو يرجع سهم نفسه فيقتله، أو سهم مسلم أخر أو أكرمه الله فقبض روحه في حال اشتغاله بالجهاد فيكون حكم المقتول بسلاح الكافر.
فَرْعٌ آخرُ
لو انكشف الصفان عن ميت من المسلمين فالظاهر أنه مقتول بسبب من أسباب القتال سواء كان [٣١٦ ب/٣] عليه أثر الدم أو لم يكن حكمه حكم الشهيد، وقال أبو حنيفة وأحمد: إن لم يكن به أثر غسل وصلي عليه وإن كان به أثر فحكمه حكم الشهيد