قال: قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ}[البقرة:٢٦٦] الآية [٨٩/ أ].
الإيلاء في اللغة اليمين على كل شيء على كل شيء يقال: إلى يولى إبلاء فهو مولى آلي حلف والآلية اليمين وجمعها الأياء ويقال: آلي يتآلي فهو متآلي أي حلف، وقال تعالى:{وَلَا يَاتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ}[النور: ٢٢] أي: لا يحلف، وقال صلى الله عليه وسلم:" تألي أن لا يفعل خيرا"، وقال أيضا:" من يتآلي على الله يكذبه". وقال الشاعر:
وأكذب ما يكون أبو المعلى إذا آلي يمينا بالطلاق
وأما الإيلاء في الشرع: فهو اليمين على فعل مخصوص وهو أن يحلف على ترك الوطئ مدة واختلف العلماء في تلك المدة فقال ابن عباس: لا يكون موليا حتى يحلف لا يطأها أبدا أو يطلق ذلك فإن الإطلاق يقتضى التأييد، وقال الحسن وابن أبى ليلى والنخعي وقتادة وحماد وإسحاق: أي مدة حلف عليها يكون موليا، وإن كانت يوما واحتجوا بظاهر الآية، وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري: لا يكون موليًا حتى يحلف أنه لا يطأها أربعة أشهر فما زاد، وقال الشافعي ومالك وأحمد وأبو ثور: لا يكون موليا حتى تزيد المدة على أربعة أشهر ولا حد للزيادة ويكفي أقل القليل ويظهر حكم الإيلاء في الماثم بقصد الأضرار فإن ذلك القليل لا يكفي الموقف والمطالبة ويخرج عن حكم الإيلاء بمضيه، وفي أربعة أشهر وما دونها لا يكون موليا ولكن يكون خالعًا إن وطئها ووجبت الكفارة، وإن ترك وطئها لم يتوجه عليها المطالبة بالفئة ولا بالطلاق وفائدة الخلاف مع أبى حنيفة أنة عندنا إذا آلي منها أكثر من أربعة أشهر أجل أربعة أشهر وهذه المدة تكون حقا له كالأجل لمن عليه الدين فإذا مضت المدة [٨٩/ ب] لم يقع بها الطلاق ولكنه يطالب بالفئة لا بالطلاق، وإن وطئ قبل انقضاء المدة فقد عجل الحق قبل محله، وإذا آلي أربعة أشهر لا يكون له حكم الإيلاء لأنه لا ينبغي زمان الوقف بعد انقضاء الأربعة الأشهر وعند أبى حنيفة إذا آلي أكثر من أربعة أشهر فمضت أربعة أشهر ولم يطأها وقعت تطليقه ثانية ولا معنى للوقف عنده، وإذا آلي أربعة أشهر فانقضت يقع الطلاق أيضًا وبه قال ابن مسعود وابن عباس وزيد بن ثابت والأوزاعي رضي الله عنهم، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقرأ الآية فإن فاؤوا فيهن، وبقولنا