وقال في "الحاوي": إذا أتى بالشهادتين والبراءة من كل دين خالف الإسلام، هل هو شرط في صحة الإسلام؟ ثلاثة أوجه؛ أحدها ما ذكرناه. والثاني: أنه شرط ليزول الاحتمال عن شهادته لما روي أن رجلًا من اليهود أتى في جماعة من أصحابه إلى رسول الله، فسأله عن معالم الدين، فأخبره بها فقال: أشهد انك نبي حق. فقال له ولمن معه:"ما منعكم أن تتبعوني؟ " فقالوا: نخاف أن تقتلنا اليهود؛ لأن داود، دعا أن يجعل الله النبوة في ولده، فلم يجر عليه حكم الإسلام مع الاعتراف بنبوته؛ لأنه لم يتبرأ من دينه. والثالث: أنه شرط في الإسلام من زعم أن محمدًا، نبي مبعوث إلى ولد إسماعيل دون إسحاق، أو هو مبعوث في آخر الزمان، وهو قول بعض النصارى، ولا يشترط في غيرهم، وهذا اختيار القاضي أبي حامد وجماعة، وهذه الطريقة غريبة.
[باب ما يجزئ من الرقاب وما لا يجزئ]
مسألة: قال: "ولا يجزئُ في رقبةِ واجبةِ رقبة تشترى بشرطِ أَنْ تعتقَ".
ظاهر المذهب انه يصح الشراء بشرط العتاق كما نص ها هنا، والقياس أن البيع باطل؛ لأنه شرط ما يضاد موضوع العقد، ثم إذا صححنا [١٤٧/ أ] البيع يجب إعتاقه، وهل يجبر المشتري على العتق أو لا يجبر، ويكون للبائع الخيار؟ وجهان: فإن قلنا: يجبر حقًا لله تعالى لا بد من الإعتاق، ثم لا يجزئ عن الكفارة؛ لأنه مستحق بسبب آخر، وعلل الشافعي هاهنا فقال:"لأنه بضع من ثمنها"، ومعناه أنه إذا اشترى بهذا الشرط فقد حوبي في ثمنه، وإنما حوبي على أن يكون للذي حابى فيه نصيب فلا يجزيه ذلك؛ لأنه يعتق رقبة كاملة. وإن قلنا: إنه لا يجبر ويكون للبائع الخيار فما دام يطالب الإعتاق فأعتقه عن الكفارة لا يجوز؛ لأنه يسقط به حقًا وهو خيار البائع وإن عفي البائع ثم أعتق المشتري بعد ذلك عن الكفارة فيه وجهان؛ أحدهما: يجوز لأنه لم يجب عتقه بسبب آخر واعتقه مختارًا. والثاني: لا يجوز لما ذكر الشافعي من العلة؛ لأن ذلك يضع من ثمنها ولم يفصل، ذكره القفال واختار أبو حامد هذا الوجه الثاني، وعلل بأنه لم يقع العتق خالصًا عن الكفارة، بل وقع مشتركًا بينها وبين المعتق بالشرط، ولا فرق فيما ذكرنا بين كفارة القتل وكفارة الظهار وكفارة اليمين والرقبة التي وجب إعتاقها بالنذر.
مسألة: قال: "ولا يجزئُ فيهَا مكاتبٌ أدى مِنْ نجومهِ شيئًا أو لمْ يؤدهِ".
لا يجوز عتق المكاتب عن الكفارة بحالٍ، وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، وأبو عبيد، وزفر، وأحمد في رواية. وقال أبو حنيفة: "إن لم يؤد شيئًا من نجومه يجوز