للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعتاقه عن الكفارة، وإن أدى شيئًا من نجومه لا يجوز في اظهر الروايتين"، وبه قال الليث، وأحمد في الرواية الثانية. وقال أبو ثور: يجوز إعتاقه عن الكفارة سواء ادى بعض النجوم أو لا، واحتجوا بأنها رقبة تامة الرق سليمة الخلق لم يؤخذ عن شيء منها عرضًا فجاز إعتاقها كالقن، وهذا غلط [١٤٧/ ب] لأن عتقه مستحب سابق فلا يجوز صرفه إلى الكفارة كعتق أم الولد، وبهذا فارق القن. واحتج الشافعي ها هنا بأن قال: "إنه ممنوع من بيعه"، وهذه العلة لا تستغني من الاحتراز؛ لأن الراهن ممنوع من بيع المرهون، ولو اعتقه عن الكفارة أجزأه على القول الذي يقول بنفوذ عتقه، غير أن الشافعي أراد لأنه ممنوع من بيعه بسعيه الحرية وهي الكتابة فنزلت منزلة أم الولد.

مسألة: قال: "ولا تجزئُ أمَّ الولدِ منْ قولِ منْ لا يبيعهَا".

لا يجوز إعتاق ام الولد عن الكفارة بحال؛ لأن فيها شعبة الحرية بالاستيلاد، وقوله: "في قول من لا يبيعها" ليس بتعليق القول في جواز بيع أم الولد؛ لأن الصحابة - رضي الله عنهم - اختلفوا في بيعها في العصر الأول ثم العصر الثاني والثالث أجمعوا على أنه لا يجوز بيعها، واختلف أصحابنا في إجماع العصر الثاني، هل يرفع خلاف أهل العصر الأول على وجهين. وفي هذا إشارة إلى انه لا يرفع خلافهم، والمزني أوهم أن الشافعي علق القول في جواز بيعها ثم اختار أنها لا تباع. قال: وقد قطع بهذا الجواب في خمسة عشر كتابًا، والحق ما اختاره، والمسألة على قول واحد. وقيل: قوله: "في قول من لا يبعها" تنبيه على الخلاف؛ لأن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - اختلف رأيه واجتهاده في بيعها، فكأنه قال: من جوز بيعها أجزأت عنده الكفارة، وهو قول جميع الفقهاء اليوم، ولم يقصد تعليق القول. وقال القفال: في بيعها قولان: وفي عتقها عن الكفارة قولان أيضًا، وفي المكاتب قول بعيد انه يجوز بيعه ولكن لا يجوز عتقه عن الكفارة بكل حالٍ، والفرق أن أمية الولد تزول بالبيع حتى لا تعتق بموت المشتري، والكتابة لا تزول بالبيع، فإنه لو أدى النجوم عتق، وهذا غريب. وقال طاوس، [١٤٨/ أ] وعثمان البتي، وداود: يجوز عتقها عن الكفارة، وجوز داود بيعها وأبطل عثمان البتي بيعها، ولا نص عن طاوس في البيع، وهذا غلط لما ذكرناه.

فرع

قال في "الأم": ويجوز عتق المدبر والمدبرة عن الكفارة سواء قلنا إنه يمكن الرجوع عن التدبير قولًا أو لا يمكن إلا بالإخراج من ملكه، سواء قلنا التدبير وصية، او قلنا إنه عتق بصفةٍ؛ لأن إعتاق المعلق عتقه بصفةٍ. وقال مالك وأبو حنيفة،

<<  <  ج: ص:  >  >>