(والأوزاعي): لا يجوز عتق المدبر عن الكفارة؛ لأنه لا يباع عنده، وهذا غلط؛ لأنه يعتبر عتقه من الثلث فأشبه الموصى بعتقه.
مسألة: قال: "ولو أعتقَ مرهونًا أو جانيًا جنايةَ فأدى الرهنَ والجنايةَ أجزأهُ".
قد ذكرنا في عتق الراهن المرهون ثلاثة أقوال، والأظهر انه إن كان موسرًا نفذ عتقه وتوضع قيمته رهنًا مكانه، وإن كان معسرًا لا ينفذ، فإذا قلنا: ينفذ يجوز عتقه عن الكفارة، وقول الشافعي هاهنا:"فادى الرهن أو الجناية أجزأه". اختلف أصحابنا فيه، فقال أبو إسحاق يكون العتق موقوفًا على أداء الدين أو وضع قيمته رهنَا مكانه، ولا يحكم بجواز عتقه في الحال لظاهر هذا اللفظ، وقد ذكرنا في كتاب الرهن أنَّا إذا لم نجوز عتق الراهن فأخرجه من الرهن هل ينفذ ذلك العتق؟ وجهان أو قولان، وهذا جواب على أحد القولين، وهو اختيار جماعة مشايخ خراسان والقاضي الطبري.
قال القاضي: هذا نص الشافعي وأجراه مجرى الشريكين إذا أعتق تصيبه، فإن شراية العتق تكون موقوفة على الداء في أصح الأقوال، فإذا أدى المال تبينا انه شراء. وقال أبو حامد: هذه من زلات أبي إسحاق؛ لأن الناجز لا يتوقف، بل نقول: ينفذ ويطالب بقضاء الدين أو دفع رهنًا غن لم يكن جل الدين، [١٤٨/ ب] أو نقول: لا ينفذ. وتأويل كلام الشافعي أجزأه الأداء عن حق الرهن دون العتق وهذا بعيد؛ لن الشافعي يتكلم في حكم الكفارة دون حكم الرهن، والأولى أن نقول: ينفذ ويجوز عن الكفارة. وقوله:"فأدى الرهن" لم يذكر على وجه الشرط. وأما العبد الجاني فهل يجوز عتقه؟ قد ذكرنا أنه كالمرهون، وحكم الجواز عن الكفارة وحكم أداء حق الجناية على ما ذكرنا في الرهن، ثم يلزمه أن يفديه. قال أبو إسحاق فيه قولان؛ أحدهما: يفديه بأرش الجناية بالغًا ما بلغ. والثاني: يفديه بأقل المرين من قيمته، أو أرش الجناية. وقال أبو حامد: هذا خطأ، ويجب أن يفديه بأقل الأمرين قولًا واحدًا؛ لأن بيعه تعذر بإعتاقه كما قلنا في أم الولد. وذكره أبو إسحاق يصح؛ لأن حال الجناية كان يمكنه تسليمه للبيع ولكنه منعه بإعتاقه بخلاف أم الولد، ويمكن أن يجاب عن هذا بأنه يراعي وقت المطالبة، فيقال: إما أن تفديه بأرش الجناية، أو تسلمه للبيع، فإذا تعذر تسليمه لا معنى لإيجاب أكثر من القيمة؛ لأنها هي الثمن في العادة.
فرع
إذا أعتق عبدًا مغصوبًا عن كفارته نفذ عتقه. وقال أبو حامد وجماعة: لا يجوز عن كفارته؛ لأنه مسلوب المنفعة فصار بمنزلة الزمن. وقال القفال: يجوز لأنه يملكه ملكًا تامًا والغصب يعرض الزوال كالصغير، وهذا قريب من المذهب. وقال صاحب "الحاوي": عندي أنه ينظر في حال العبد، فإن قدر على الخلاص من غاصبه الهرب