للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: له الفسخ ليستحق عليها من الخيار مثل ما تستحقه عليه فيستويان فيه.

والثاني: لا خيار له وإن كان لها الخيار لأن الزوج يقدر على إزالة الضرر بالطلاق وهي لا تقدر عليه إلا بالفسخ فافترقا فيه والله أعلم بالصواب.

[باب أجل العنين والخصي غير المجبوب والخنثى]

مسألة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ: رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيَنْةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ المُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَجَّلَ العِنِّينَ سَنَةَّ وَقَالَ: وَلَا أَحْفَظَ عَمَّنْ لَقيتُهُ خِلَافًا فِي ذَلِكَ فَإِنْ جَامَعَ وَإِلَّا فًرِّقَ بَيْنَهُمَا".

قال في الحاوي: وهذا كما قال: أما العنة فهي العجز عن الوطء وللين الذكر وعدم انتشاره فلا يقدر على إيلاجه فسمى من به العنة عنينًا وفي تسميته بذلك قولان:

أحدهما: أنه سمي عنينًا للين ذكره يعني عن إرادة الوطء وانعطافه مأخوذ من عنان الفرس للينه.

والثاني: أنه سمي عنينًا لأن ذكره يعن عن إرادة الوطء أن يعترض يمين الفرج ويساره فلا يلج مأخوذ من العنن وهو الاعتراض يقال عزلك الرجل إذا اعترضتك عن يمينك أو يسارك.

والعنة عيب يثبت به للزوجة خيار الفسخ وهو إجماع الصحابة وقول جميع الفقهاء إلا شاذًا عن الحكم بن عيينة وداود: أنه ليس بعيب ولا خيار فيه استدلالًا بأن امرأة رفاعة لما تزوجت بعده بعبد الرحمن أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أن زوجي أبت طلاقي وقد تزوجني عبد الرحمن بن الزبير وإنما له مثل هدبة الثوب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك" فلم يجعل العنة فيه عيبًا ولا جعل لها خيارًا.

وروى هانئ بن هانئ أن امرأة شكت إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن زوجها لا ينتشر فقال: "ولا عند السحر؟ قالت: لا، قال: ما عند است هذا خير، ثم قال: اذهبي فجيئيني به، فلما جاءه رآه شيخًا ضعيفًا فقال لها: اصبري فلو شاء الله أن يبتليك بأكثر من هذا فعل" ولم يجعل لها خيارًا.

ودليلنا قول الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:٢٢٩] فلما كان الوطء حقًا عليها وجب أن يكون حقًا لها عليه وقال تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:٢٢٩] وهي الفرقة ولأنه إجماع الصحابة حكي ذلك عن عمر وعلي وابن

<<  <  ج: ص:  >  >>