مسألة: قال: رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم يهوديين زنيا.
قيل: سميت حدودًا لأن الله تعالى حدها وقدرها فلا يجوز لأحد أن يتجاوزها قاله أبو محمد بن قتيبة، وقيل لأنها تمنع من الإقدام على ما يوجبها مأخوذ من حد الدار لأنه يمنع من مشاركة غيرها فيها، وسمي الحديد حديدًا لأنه يمتنع به. واعلم أن الشافعي رضي الله عنه بدأ في الحدود بحد الزنا لأنه أغلظ الحدود وأشدها، والحدود نوعان أحدهما: بالجلدات المعدودة، والثاني: بغيرها فما ليس بالجلدات فهو بالقطع في السرقة، والرجم في الزنا، والقتل بالردة، والقطع في قطع الطريق. وما هو بالجلد فثلاثة حدود حد الزنا مائة جلدةٍ، وحد القذف ثمانون جلدةً، وحد الخمر أربعون جلدة، وهذه الحدود الثلاثة تنتصف للرق وفي القسم الأول يستوي العبد والحر إلا الرجم فإنه لا يرجم العبد بحال لأنه بني على الكمال ولا كمال مع الرق.
واعلم أن في ابتداء الإسلام كان الحكم في الزاني أن يحبس في بيت إلي الممات إن كان ثيبًا لقوله تعالى:{واللاَّتِي يَاتِينَ الفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ}[النساء:١٥] إلى قوله {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ}[النساء: ١٥] وإن كان بكرًا كان الحكم الأذى وهو التعزير والسب والتوبيخ لقوله تعالى [١/أ]{والَّلذَانِ يَاتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا}[النساء:١٦] الآية. وإنما حملنا الآية الأولى على الثيب، والثانية على البكر لأنه قال:(من نسائكم) وهذه إضافة زوجية، كقوله تعالى {يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ}[البقرة:٢٢٦] ولا فائدة في إضافة ذلك إلي الزوجات إلا اعتبار الشابة ولأنه ذكر عقوبتين إحداهما أغلظ وهو الحبس إلي الموت، والثانية: الأذى والأذى أخف فكانت الأغلظ للثيب، وحكي عن أبي الطيب بن سلمة أنه قال: أراد بالنساء الأبكار وأراد بالإضافة الجنس حدهن وجعل الأذى عقوبة للرجال لأن قوله: (بينكم) يقتضي الرجال، وقيل أراد بالأذى الذكور في قوله تعالى:{فَآذُوهُمَا}[النساء:١٦] الحبس المذكور أولًا وإنما أعاده ليتبين حكم التوبة كما بين في الآية الأولى تأبيد الحبس إلي الوفاة (وإلى) أن