للمشتري الخيار، وقال ابن أبي هريرة: له الخيار لأنه تدليس ويفارق الأرض الرملة لأنه لم يحصل فيها [٩٢/ أ] تدليس وهذا أظهر، وإن غرسها المشتري بعد العلم بالحجارة سقط رده لأنه تصرف مما يدخل النقص على المبيع بعد العلم بالعيب، ثم لا يخلو إما أن يضر قلعها أو تركها أو يضر قلعها دون تركها، فإن كان الأمران يضران فللبائع القلع لأنه ملكه وللمشتري المطالبة لإزالة ضرر الترك، ثم إذا قلع يلزم البائع أرش النقص قولًا واحدًا، لأنه تحول ملكه عن الأرض بإدخال النقص على الغير وقد سقط رد المشتري.
وإن كان قلعها يضر وتركها لا يضر فإن اختار القلع فعليه أرش النقص قولًا واحدًا، وكيفية التقويم أن يقال: كم يساوي هذا الشجر ولا نقص؟ قالوا: مائة فيقال: وكم يساوي وبه هذا النقص؟ قالوا: تسعون. قلنا: نقص العشر فيلزم حصته من القيمة وإن اختار البائع الترك فهل يملكها المشتري؟ على ما ذكرنا، ولو كان البائع زرع فيها زرعًا وباعها مع الزرع وتحتها أحجار فليس للبائع أن يقلع الأحجار ما لم يحصد الزرع إذا كان قلعها يضر بالزرع لأن لوقت الحصاد وإدراك الزرع [٩٢/ ب] غاية بخلاف قلع الأشجار، وإن كان الزرع للبائع فالضرر يختص به والخيار إليه. وإذا تقرر هذا ففي لفظ المختصر إشكال، وذلك أنه نقل، ولو كان غرس عليها شجرًا. وهذا لفظ يتردد بين احتمالين أحدهما: أن المشتري غرس بعد الشراء، والثاني: أن البائع غرس قبل البيع فربما يحمل بعض أصحابنا هذا اللفظ على المشتري ويجعله الغارس ولا يصح ذلك والصحيح أن الغارس هو البائع قبل البيع لأن المشتري لو كان هو الغارس لما ثبت له الخيار وإن تضررت الأشجار بتلك الأحجار لأنه ضرر على غير المبيع إذ الأشجار الحادثة ليست بمبيعة. ذكر الإمام الجويني رحمه الله: وهو عين قول أبي إسحاق على ما ذكرنا وقد ثبت أن الأظهر غير هذا.
[باب الوقت الذي يحل فيه بيع الثمار]
قال: أخبرنا مالك الخبر، إذا باع ثمرة قبل بدو صلاحها لا يخلو: إما أن يبيعها بشرط القطع أو بشرط التبقية أو مطلقًا فإن باعها [٩٣/ أ] بشرط القطع يجوز بلا خلاف لأنها إذا قعطت أمن من الغرر فيها وإلى هذا أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله:(أرأيت إن منع الله الثمرة فيم يأخذ أحدكم مال أخيه) ومعناه أن الثمرة إذا لم يبد صلاحها لا تزال معترضة للجوائح والآفات والصواعق والبرد والرياح العاصفة والعادة تبقيتها إلى وقت القطع والعقد إذا أطلق صار مقيدًا بالعادة الغالبة، فكأنه قال: بعت منك هذه الثمرة بشرط تبقيتها، ولو قال ذلك كان باقيًا كما في تبقيتها من الآفة، وإن باعها بشرط التبقيه بطل البيع بلا خلاف لما ذكرنا، وإن باعها مطلقًا بطل البيع عندنا وبه قال مالك وأحمد وإسحاق.
وقال أبو حنيفة: يجوز البيع ويلزم القطع في الحال والخلاف معه في موضعين أحدهما: في بطلان البيع وصحته، والثاني: في العلة فعندنا البيع بطل لأن إطلاقه يقتضي التبقية فيصير كأنه شرط التبقية وعنده إطلاقه يقتضي القطع في الحال فيصير كأنه