باع بشرط القطع والدليل على ما ذكرنا ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[٩٣/ ب] أنه (نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها) وهذا يقتضي النهي عن بيع مطلق، ولو باع هذه الثمرة مع الأصل يصح البيع، وإن لم يشترط القطع وتكون الثمرة تابعة للأصل في ذلك ولا يؤثر حصول الغرر في التابع، ألا ترى أن بيع اللبن في الفرع مفردًا لا يجوز للغرر؟ ولو باع مع الأصل جاز لكونه تابعًا. واحتج الشافعي على هذا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(من باع نخلًا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع) وهذا يدل على أنه إذا اشترطها تكون للمشتري وذلك بيع الثمرة مع الأصل.
فرع
لو كانت الثمرة لواحد والأصل لآخر ويتصور ذلك في الوصية فباع صاحب الثمرة من صاحب الأصل مطلقًا من غير شرط القطع فيه وجهان أحدهما: لا يجوز وهو الصحيح، لأنه باع ثمرة مفردة قبل بدو صلاحها، لا على شرط القطع فأشبه إذا باعها من غير صاحب الأصل، والثاني: يجوز لأن الثمرة والأصل يحصلان لواحد فأشبه إذا باع الثمرة مع الأصل وهذا ظاهر المذهب. [٩٤/ أ]
فرع آخر
بيع الجوز قبل بدو الصلاح والسفرجل ونحوه لا يجوز أصلًا، لأنه لا ينتفع به أصلًا.
مسألة: قال: وإذا أذَن رسوُل الله - صلى الله عليه وسلم - في بيعِه إذا صاَر أحمَر أو أصفَر فقد أذَن إذا بدا فيه النضُج واستطيَع أكلُة خارجًا من أن يكودَن كلُه بلحًا.
الفصل
إذا باع ثمرة قد بدا صلاحها ينظر فإن باعها بشرط القطع جاز لأنه إذا جاز قبل بدّو الصلاح بهذا الشرط فبعد بدو الصلاح أولى وإن باعها مطلقًا جاز بلا خلاف إلا أن عندنا يبقى إلى وقت الجذاذ وعند أبي حنيفة يطالب بالقطع في الحال، وإن باعها بشرط التبقية يجوز عندنا، وبه قال مالك وأحمد ومحمد إلا أنه يقول: يجوز ذلك إذا تناهى عظمها وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا يجوز بشرط التبقية وهذا غلط، لأن النقل يجب على العرف والإطلاق فيه كالشرط كما في أمتعة البيت، فإذا تقرر هذا فالكلام الآن في بدو الصلاح ما هو؟ فعندنا بدو الصلاح: النضج ولا اعتبار بالتلون لأن من الثمار ما لا يتلون إذا نضج، وروي [٩٤/ب] عن ابن عمر - رضي الله عنهم - أنه قال: بدو الصلاح في الثمار بطلوع الثريا، وبه قال بعض الفقهاء لما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة فقال له عثمان بن عبد الله بن سراقة: متى ذلك؟ فقال: