(إذا طلع الثريا) ولا يتحقق الخلاف هذا في الحكم لأن وقت طلوع الثريا وقت بدو الصلاح فهو اختلاف في العبارة والعلة، فعندنا يجوز ِلُبدّو الصلاح وعنده لطلوع الثريا وهذا غلط، لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع الثمار حتى تزهى، قيل يا رسول الله وما تزهى؟ قال:(حتى تحمر أو تصفر) وقال عطاء: ُبدّو الصلاح: بأن يوجد فيها ما يؤكل، وقال النخعي: هو قوة الثمرة واشتدادها.
فإذا تقرر هذا فبدو الصلاح في الرطب أن يحمر الُبْسر أو يصفر، وفي العنب إن كان أسود أن يسود، وإن كان أبيض كالعنب الرازقى أن تبدو فيه الحلاوة ويصفر، وتقوى نواته ولحمه، وإن كان أحمر أن تحمر، وفي التفاح ونحوه أن يطيب أكله فيه بوجود الحلاوة، وفي المشمش بالصفرة وفى العناب [٩٥/ أ] بالحمرة وفى قصب السكر بالحلاوة، وفي الرمان بالحموضة أو الحلاوة، وزوال المرارة، وفى الَقّثاء والخيار والباذنجان لا يعتبر تغير اللون ولا الطعم لأنه يفسد به فيه بدو الصلاح فيها أن يكبر بعضها حتى تتناهى في كبره، فإنه مادام صغيرًا لا يؤمن ورود العاهة عليه. وأما البطيخ قال الشافعي:(وللخربز نضج كنضج الرطب) فبدو الصلاح فيه أن ينضج ويطيب أكله وقيل: إذا لانت صلابته بالنضج وكذلك التين. وأما بدو الصلاح في العلف والبقول والقصب إذا تناهى طوله إلى الحد الذي ُيَجّز عليه، وفي الورد بالانتفاخ والانتشار ومتى حكمنا يبدو صلاحه يجوز بيعه مطلقًا ويشترط التنقية، وإذا تقرر هذا قال الشافعي هاهنا: والقثاء يؤكل صغارًا طيبًا فبدو صلاحه أن يتناهى عظمه، وأراد به أن القثاء في حال صغره يباين التمر في أول حاله ولكنه مع مباينة توافقه في أن له وقتًا معلومًا تبدو الصلاح فيه ويأمن من الآفة كما للثمر وهو أن يتناهى عظم بزر القثاء ولهذا يتركه [٩٥/ ب] الناس في العادة إلى هذا الوقت ثم يقطعونه ومقصود الشافعي بالتناهي أن يكبر كبرًا غير مفرط، وليس قصده أن يفرط حتى ينتهي إلى أقصى غاية كبره، إذ العادة قطعه قبل ذلك لما في تركه من تراجع قيمته، وهذا هو الجواب عن اعتراض ابن داود على الشافعي المحسوسات حيث قال: والقثاء يؤكل صغارًا طيبًا وهذا يعلم بالحس وكان يحب القثاء فذكره. فإذا تقرر هذا يعتبر بدو الصلاح في بعض الثمار، ولو في شمراخ أو عنقود منها أو ُبْسرة واحدة منها فإذا حصل ذلك صار الباقي تابعًا في جواز البيع على الإطلاق، وأما الكلام في النوعين المختلفين وإذا أفرد ما لم يبد صلاحها في حائط قد بدا صلاح بعضها فعلى ما بيناه في الناس.
وقيل: نص في البويطي على أنه إذا كان أحدهما صيفي والآخر شتوي لا يتبع أحدهما الآخر، وأما العنب لا يصير تابعًا للرطب ولا جنس من الثمار يكون تابعًا لجنس آخر، ولا ثمرة حائط تابعة لثمرة حائط آخر قال الليث بن سعد: إذا بدا الصلاح في جنس كان بدو الصلاح في [٩٦/ أ] جميع ثمار ذلك البلد ويجوز بيع جميعها مطلقًا