وقال مالك: إذا بدا الصلاح في جنس كان بدو الصلاح في ذلك الجنس في جميع البلد الواحد إذا كان الصلاح معهودًا لا مسكن أو لا يكون بدو الصلاح في جنس آخر. وهذا غلط لما روي أن الني - صلى الله عليه وسلم -: (نهى عن بيع العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد) ولم يفصل بين أن يكون بدو الصلاح من جنس آخر أو في حائط آخر، ولأنا إنما جعلنا بدو الصلاح في بعضه كبدوه في كله لئلا يؤدي إلى اختلاف الأيدي وسوء المشاركة ويقارب التلاحق في الزمان وهذا المعنى لا يوجد في الجنسين، ولا في الحائطين وكل موضع قلنا: لا يجوز بيعه إلا بشرط القطع فباع بهذا الشرط كان للبائع مطالبته بالقطع فإن تراضا على ترك القطع إلى أوان الجذاذ ولم يضر البيع شيئًا.
فرع
لو باع ثمرة على شجرة لم يبد صلاحها على شجرة مقلوعة لا يضر فيه. وقد قال أصحابنا: يجوز بيعها مطلقًا من دون شرط القطع، لأنها لا تنمو ولا يأخذ من أجزاء الشجرة [٩٦/ ب] ولو بقيت عليها بخلاف غيرها.
مسألة: قال: (ولا وجه لمن قال: يجوُز إذا بدا صلاحُهما ويكوُن لمشتريهما ما ثبَث أصلهما أن يأخذ كلما خرَج منها وهذا محرم) قصد به الرد على مالك حيث قال: إذا اشترى الخربز أو القثاء بعد تناهي عظمه أو عظم بعضه من غير شراء أصله كان للمشتري جميع ما يخرج من حوادثهما لأنه يشق تميزه ومذهبنا أن الحوادث الخارجة للبائع، ولو شرط ذلك بطل البيع واحتج الشافعي بأن قال: هذه الحوادث كانت غير مخلوقة عند العقد فكيف يدخل في العقد؟ ويبعد أن يشترط فيما برز بدو الصلاح ثم يقال: يدخل في غير البارز في العقد، ولو جاز ذلك مثل هذا لجاز ذلك في النخل (وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع السنين) وهو أن يقول الرجل للرجل: بعت منك ما تحمل هذه النخلة ثلاث سنين أو أربع سنين بكذا لأنه بيع ما لم يخلق وليس بعقد َسَلم موصوف، بل هو بيع العين فإن باع الأصل من الثمرة يجوز، ولكن لا بد من شرط [٩٧/ أ] القطع فإن شجر الخربز والباذنجان والقثاء زرع على ما ذكرنا ثم إذا شرط القطع فلم يتفق، فكل ما كان خارجًا وخرج بعد البيع يحصل للمشتري وهذا هو الوجه في تحصيل كل الثمرة الموجودة وغيرها للمشتري، وإن أراد الخلاص من مطالبته بالقطع استأجر منه الأرض سنة أو سنتين، فحصل له منفعة تلك المسألة ولا يملك صاحب الأرض مطالبته القطع، ولو اشترى نصف الثمرة مشاعًا من زرع أو تمر لم يبد صلاحها لا يجوز، لأنه لا يمكن قطعه إلا بقطع الباقي الذي يس بمبيع فلا يمكن شرط القطع فيه.
مسألة: قال: (وكُّل ثمرٍة وزرٍع دونها حائٌل من قشٍر أو كمام).