أحدهما: لا خيار له في فسخ الأمة والكتابية على ما نص عليه، لأن الكتابية أحسن حالًا من الأمة التي يسترق ولدها.
والقول الثاني: أن له الخيار في فسخ النكاح الأمة والكتابية على ما نص عليه في الكتابية، لأن الأمة أغلظ حالًا باسترقاق ولدها.
والطريقة الثانية: لأصحابنا إن حملوا جواب كل واحدة من المسألتين على ظاهره فلم يجعلوا له في نكاح الأمة خيارًا وجعلوا له في نكاح الكتابية خيارًا وفرقوا بينهما بأن لأهل الذمة غيارًا يميزون به عن المسلمين فإذا خالفوا صار غرورًا فثبت الخيار في نكاحهم وليس للمملوكين خيار يتميزون به فلزمهم غرور يثبت به الخيار في مناكحهم، والله أعلم.
[باب المرأة لا تلي عقدة النكاح]
قال الشافعي رحمه الله:"قال بعض الناس زوجت عائشة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر وهو غائب بالشام فقال عبد الرحمن: أمثلي يفتات عليه بناته؟ قال: فهذا يدل على أنها زوجتها بغير أمره. قيل: فكيف يكون أن عبد الرحمن وكل عائشة بفضل نظرها إن حدث حدث أو رأت في مغيبة لابنته حظًا أن تزوجها احتياطًا ولم ير أنها تأمر بتزويجها إلا بعد مؤامرته ولكن تواطئ وتكتب إليه فلما فعلت قال: هذا وإن كنت قد فوضت إليك فقد كان ينبغي أن لا تفتاتي علي وقد يجوز أن يقول زوجي أي وكلي من يزوج فوكلت. قال: فليس لها هذا في الخبر، قيل: لا ولكن لا يشبه غيره لأنها روت أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل النكاح بغير ولي باطلًا أو كان يجوز لها أن تزوج بكرًا وأبوها غائب دون أخواتها أو السلطان. قال المزني رحمه الله: معنى تأويله فيما روت عائشة عندي غلط وذلك أنه لا يجوز عنده إنكاح المرأة ووكيلها مثلها فكيف يعقل بأن توكل وهي عنده لا يجوز إنكاحها ولو قال أنه أمر من ينفذ رأي عائشة فأمرته فأنكح خرج كلامه صحيحًا لأن التوكيل للأب حينئذ والطاعة لعائشة فيصح وجه الخبر على تأويله الذي يجوز عندي لا أن الوكيل وكيل لعائشة رضي الله عنها ولكنه وكيل له فهذا تأويله".
قال في الحاوي: وقد مضى الكلام في أن النكاح لا يصح إلا بولي ذكر، وأن المرأة لا يجوز أن تعقد نكاح نفسها، فكذلك لا يجوز أن تلي نكاح غيرها لا بولاية ولا بوكالة، ولا يصح فيه بذلك ولا قبول.
وقال أبو حنيفة: يجوز أن يتولاه لنفسها ولغيرها نيابة ووكالة تكون فيه باذل أو قابله. فأما نكاح نفسها قد مضى الكلام معه فيه وأما نكاح غيرها نيابة. ووكالة فاستدل على جواز أن تتوكل فيه وتباشر غيره بما روي أن عائشة زوجت بنت أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر وكان غائبًا بالشام بمنذر بن الزبير فلما قدم. قال: أمثلي يفتات عليه في بناته؟