وأما القسم الثالث: وهو غرور الزوج بالصفة فهو أن يتزوجها على أنها بكر فتكون ثيبًا أو على أنها شابة فتكون عجوزًا أو على أنها جميلة فتكون قبيحة إلى ما جرى هذا المجرى من الصفات ففي النكاح قولان:
أحدهما: باطل، وإن لم يدخل بها فلا شيء عليه وإن دخل بها فعليه مهر مثلها وفي رجوعه به من غرّه قولان على ما معنى في غرور النسب من اعتبار حال من غرّه.
والثاني: أن النكاح صحيح فعلى هذا يكون خياره في غرورها معتبر بخيارها في غروره وفي خيارها لو غرها الزوج في هذه الصفات وجهان:
أحدهما: لا خيار لها فعلى هذا أولى أن يكون لها خيار.
والثاني: لها الخيار فعلى هذا يكون معتبرًا بخياره إذا كان مغرورًا بالحرية وفيه قولان:
أحدهما: لا خيار له فيه. فعلى أولى أن لا يكون له خيار إذا غرّ بهذه الصفات.
والثاني: له الخيار فعلى هذا يكون معتبرًا بعلة الخيار في هذا القول. فإن قيل: إنها في مقابلة خيار الزوجة فله الخيار في نقصان هذه الصفات كما كان للزوجة على هذا الوجه. وإن قيل: إنها تدخل النقص عليه في رق الولد ونقصان الاستمتاع فلا خيار له هاهنا لعدم النقص فيهما. فأما إذا تزوجها على شرط فكانت أعلى منه مثل أن يتزوجها على أنها ثيب فتكون بكرًا. أو على أنها عجوز فتكون شابة أو على أنها قصيرة فتكون طويلة. أو أنها قبيحة جميلة. وما شاء كل هذه الصفات ففي النكاح أيضًا قولان:
أحدهما: باطل.
والثاني: جائز ولا خيار له.
فصل:
فأما إذا تزوجها بغير شرط فظنها على صفة فكانت بخلافها فالنكاح صحيح فيما سوى الرق والكفر ولا خيار فيه للزوج فيها سوى عيوب الفسخ من الجنون والجذام والبرص والرتق والقرن والكفر وهو أن يتزوجها ويظن أنها حرة فتكون أمة ويظنها مسلمة فتكون كافرة فإن كان مما لا يحل له نكاح الأمة، لأنه واجد للطول أو غير خائف للعنت أو كانت ممن لا تحل لمسلم كالوثنية. فالنكاح باطل في الأمة الكافرة لتحريمها عليه وإن كان يحل ممن له نكاح الأمة لعدم الطول وخوف العنت ويحل له نكاح هذه الكافرة ولأنها كتابية فالنكاح جائز قولًا واحدًا. لأنه لم يشترط وصفًا فوجد خلافه. فأما الخيار فقد قال الشافعي في نكاح الأمة: إنه لا خيار في فسخه. وقال في نكاح الكتابية أن له الخيار في فسخه فاختلف أصحابنا على طريقتين:
أحدهما: نقل جواب كل واحد من المسألتين إلى الأخرى وتخريجهما على قولين