للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الوصية للعبد أن يكاتب]

مسألة: قال: «ولو أوصي أن يكاتب عبدًا له».

الفصل

صورة المسألة: أن يوصي رجل بكتابة عبد له فالوصية تصح، ويعتبر خروج قيمة العبد الموصي بكتابته من الثلث، لأن إخراج الرقبة من ملكه بغير عوضٍ على ما بيناه، ثم ينظر فإن لم يكن أوصي إلا بالكتابة وحدها، فالثلث مصروف إليها، فإن كان أوصي بالكتابة وبأشياء آخر من هبة ووصية ومال أو محاباة، فهل تقدم الكتابة على غيرها أم يسوي بين الجميع لأن المسألة مبنية على أصل وهي أن الرجل إذا أوصي بوصايا في جملتها عتق هل يسوي الجميع أم يقدم العتق [١٤٩/ أ] قولان، فإذا أوصي بالكتابة، قال الشافعي: حاص أهل الوصايا وهذا يقتضي التسوية بين الكتابة وغيرها، واختلف أصحابنا في المسألة على طريقين، منهم من قال: فيه قولان أيضًا، كالعتق سواءً لأن الكتابة تتضمن العتق، والشافعي ذكر ههنا أحد القولين، ومنهم من قال: يسوي بين الكتابة وغيرها على ما نص عليه قولًا واحدًا لأن الكتابة معاوضة تجري مجري المعاوضات، ولو أوصي فيه ببيع فيه محاباة سوى بينه وبين غيره كذلك الكتابة، ويفارق العتق لأن له مزية، وهي السراية، فقدم بخلاف الكتابة.

فإذا تقرر هذا فإذا أوصي بالكتابة وحدها، أو بها وبغيرها، وقلنا: إنها تقدم، فإن الثلث كله يتوفر على الكتابة، فإن احتمل الثلث قيمة العبد كوتب وتجبر الورثة على ذلك، ثم ينظر في العبد، فإن لم يختر الكتابة لم يجبر عليها، فإن بعد ذلك بطلت الوصية ولم يجب إليها لأن حقه قد سقط بامتناعه، وإن اختار الكتابة وطلبها فبكم يكاتب لا يخلو إما أن يكون الموصي أطلق الوصية ولم يقدر ما يكاتب عليه، أو قدر ذلك، فإن أطلق فإنه يكاتب على ما جرت العادة بكتابة مثله عليه، ولا يعتبر قيمته فيه لأن الكتابة لا تصح إلا إلى أجلين، والأجل يأخذه قسطًا من العوض فينقص منه لدخوله ويزاد فيه لسقوطه، وإن قدر ما يكاتب عليه كوتب على ذلك القدر لا يزاد عليه، فإن كوتب فأدي المال فإن ذلك المال لا يحتسب من جملة التركة بل يكون حقًا خالصًا للورثة لأن ذلك نماء الرقبة ليس بملكٍ للموصي، وإنما كان ملكه على الرقبة، فحسب فإن ذلك للورثة خالصًا كما لو أوصي بنخلٍ فأمرت.

ثم ينظر فإن لم يؤد تمام المال، أو عجز نفسه، فالورثة يسترقونه، فإن أدي عتق وثبت الولاء عليه [١٤٩/ ب] لسيد المكاتب ينتقل إلى العصبات من ورثته لأنه عتق بسبب كان منه، وهي وصية بكتابته، فهذا الحكم فيه إذا كانت قيمة العبد تخرج من الثلث، فأما إذا لم تخرج قيمة العبد من الثلث يكاتب القدر الذي يحتمله الثلث كما إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>