فمعناه، استوفيه إن شاء الله، فأما مشيئة زيد فلا يتعلق بها الاستيفاء في الماضي، ولا في المستقبل، وقال القاضي أبو حامد: كل ذلك ليس باستثناء عند العرب لأن الاستثناء عند العرب لا يجوز فيما مضي من الأفعال، وفي الدائم إنما يجوز في المستقبل، ومعني قول الشافعي: لأنه استثناء أراد أن هذا التقييد يزيل إطلاق القول بالاستثناء ويقول مقام الاستثناء، وهذا صحيح لأن الشافعي قد جعله استثناء فيهما، وقول أبي إسحاق: يؤدي تخطئة الشافعي في قوله.
فإن قال قائل: هو يرده إلى أحد المسألتين، وهي إذا قال: إن شاء الله قلنا: قد قال الشافعي في «الأم»: لو قال قد استوفيت آخر كتابتك إن شئت لم يكن استثناء لأنه استثناء، فدل على أن تقديره: أن هذا التقييد بمنزلة الاستثناء.
فرع
قال في «الأم»: ولو قال: وضعت عنك كتابتي كلها إلا دينارًا، أو عشرة دنانير كان بريئًا من الكتابة إلا ما استثني ولا يعتق إلا بالبراءة من آخر الكتابة.
فرع آخر
قال: ولو وضع من كتابته شيئًا ثم اختلف هو والمكاتب فقال السيد: وضعت من آخر الكتابة، وقال المكاتب بل مما حل منها، فالقول قول السيد، فإن مات السيد، فالقول قول الورثة، فإن كانوا [١٤٨/ ب] صغارًا لا يعربون عن أنفسهم ألزم الحاكم المكاتب أن الموضوع من آخر الكتابة لأنه لا يجوز أن يضع إلا ما يحيط العلم بأنه وضع عنه.
فزع آخر
قال: ولو شهد شاهدان للمكاتب أن سيده قال: قد استوفيت منه، أو قال السيد: أليس قد استوفيت، فقال: بلي كان القول قول السيد أنه استوفى منه ما حل من نجومه، وإن ادعي المكاتب أنه أراد آخر النجوم فعليه البينة، فإن قال لم يوفيني إلا درهمًا واحدًا كان القول قوله مع يمينه، وقول الورثة إن مات لأن المكاتب عبد حتى يشهد الشهود أنه قد أوفاه جميع كتابته.
فرع آخر
لو شهد الشهود أنه قال: قد استوفيت آخر كتابتك ولم يزد على ذلك فالقول قول السيد، فيما بقي من كتابته في حياته وورثته بعده لأنه يحتمل أنه أراد بقوله آخر كتابتك مما حل عليك فوجب الرجوع إلى بيانه.