للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الوديعة]

قال (١) الشافعي رحمه الله: "وإذا أودع رجل وديعة فأراد سفراً فلم يثق بأحد يجعلها عنده فسافر بها براً أو بحراً ضمن".

قال في الحاوي: أما استيداع الودائع فمن التعاون المأمور به، والإرفاق المناوب إليه، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:٢].

وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَامُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:٥٨]. وقال تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ [البقرة:٢٨٣]}. وقال سبحانه وتعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَامَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَامَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً} [آل عمران:٧٥].

وروى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أد الأمانة إلى من ائتمنه، ولا تخن من خانك" (٢).

وروى أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تقبلوا إلي بست أتقبل بالجنة" قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: "إذا حدث أحدكم فلا يكذب وإذا اؤتمن فلا يخن، وإذا وعد فلا يخلف وغضوا أبصاركم، واحفظوا فروجكم وكفوا أيديكم" (٣).

وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه" (٤) وقد استودع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودائع القوم، وكان يسمى في الجاهلية لقيامة بها محمد الأمين، فلما أراد الهجرة إلى المدينة تركها عند أم أيمن- رضي الله عنها، وخلف علياً- عليه السلام- لردها على أهلها، ولأن بالناس إلى التعاون بها حاجة ماسة وضرورة داعية لعوارض الزمان المانعة من القيام على الأموال، فلو تمانع الناس فيها لاستضروا وتقاطعوا.


(١) انظر هامش الأم (٣/ ١٧٥).
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ٤١٤)، وأبو داود (٣٥٣٤)، والترمذي (١٢٦٤)، والحاكم (٢/ ٤٦)، والبيهقي في "الكبرى" (٢١٣٠٣)، والطبراني في "الكبير" (١/ ٢٣٤)، وفي "الصغير" (١/ ١٧١).
(٣) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٢/ ٣٥٩)، والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" كما في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٣٠١)، وقال الهيثمي: "وفيه فضال بن الزبير ويقال: ابن جبير وهو ضعيف".
(٤) أخرجه أحمد (٥/ ٨) والدارمي (٢/ ٢٦٢)، وأبو داود (٣٥٦١)، والترمذي (١٢٦١)، وابن ماجه (٢٤٠٠)، وابن الجارود (١٠٢٤)، والبيهقي في "الكبرى" (١١٤٨٢)، وفي "معرفة السنن" (٣٦٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>