للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع

إذا مات وخلف ابنين فأقر أحدهما بدين على أبيه وأنكر الآخر، نظر فإن كان المقر عدلاً جاز أن يقضي بشهادته مع شاهد أخر، أو مع امرأتين، أو مع يمين المدعي. وإن لم يكن عدلاً حلف المنكر ولم يلزمه شيء. وأما المقر ففيه قولان: أحدهما: يلزمه كل الدين في حصته وبه قال أبو حنيفة رحمه الله وهو اختيار ابن سريج رحمه الله لأن الدين قد يتعلق ببعض التركة إذا هلك بعضها كما يتعلق بجميعها فوجب قضاءه من جهة المقر. والثاني: وهو الصحيح: لا يلزمه إلا بقدر حصته، لأنه لو لزمه بالإقرار كل الدين لم تقبل شهادته بالدين لأنه يدفع بهذه الشهادة عن نفسه ضرراً.

فرع آخر

لو قال: علي ألف أخذته منه قال المتقدمون من أصحابنا: هو كما لو قال: دفعه إلي لو فسره بالوديعة تقبل وقال أبو حنيفة: لا يقبل لأن الأخذ يقتضي الغصب ظاهراً. قال القفال: يحتمل أن يكون هذا مذهبنا.

فرع آخر

قال صاحب "التلخيص" رحمه الله: ثلاثة أحوال في الذمة لا يجوز مطلق الإقرار بأنها لغيرهم الصداق، وعوض الخلق، وأرش الجناية عن البدن قال أصحابنا: هذا لأن بضع غير ذات الزوج لها فابتداء ذلك عوضه بالنكاح لا يكون إلا لها وعند الخلع لا يكون إلا له. وكذلك الأرش الذي هو عوض جزء من البدن لا يكون إلا للمجني عليه، فإذا أطلق عليه الإقرار أنها لغيره فهو كذب وإنما تصير لغيره بحوالة صحيحة على شروطها وليس في مجرد الإقرار ما يوجب ذلك. وقال القفال: "لم يبت" الوجه فقالت: المال الذي في ذمة الزوج من المهر لفلان من جهة أني أحلته على الزوج به بدين كان علي يصح، وإن أطلقت فقالت: هو لفلان ولم تفسر هل يصح الإقرار؟ قولان أحدهما: يصح لأن وجه الصحة محتمل، والثاني: لا يصح وهذان القولان مبنيان على أنه [١٦١/ب] لو أقر للحمل مطلقاً هل يصح أم لا؟ فيه قولان وحكي القفال عن صاحب "التلخيص" أنه قال: لو قالت: صداقي الذي تزوجني عليه لفلان فهو هبة لم تقبض، ولو قالت: بحق ثابت فأضافتها إلى نفسها إضافة تعريف ويكون إقراراً قال القفال: إذا لم تبين زوجها فهو على ما ذكرت من القولين. وإن فسرت بالحوالة كان صحيحاً. والله أعلم.

وهذا آخر كتاب الإقرار ويتلوه في التي تليه كتاب العارية إن شاء الله تعالى والحمد لله حمد الشاكرين وصلاته على خير خلقه محمد وآله الطاهرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>