للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ينسخه الله تعالى ثم نسخ ذلك بقوله تعالى {الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور:٢]، ولم يفصل بين البكر والثيب. وروى عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلًا البكر بالبكر جلد مائةٍ وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائةٍ والرجم". واعلم أنه ثبت بهذه السنة وبما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله تعالى لكتبت على حاشية المصحف "الشيخ والشيخة إذا زنيا فاجلدوهما البتة نكالًا من الله [١/ب] إن الله عزيز حكيم وكنا نقرأها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل: إن هذا من جملة ما نسخت تلاوته وبقي حكمه وقد ثبت فعل الرجم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خبر ماعز والغامدية واليهوديين. ورجم عمر وعلي رضي الله عنهما. فإن قال قائل: لا يجوز نسخ القرآن بالسنة وأنتم قلتم: نسخ حكم الزاني في كتاب الله تعالى بالرجم ولم يثبت الرجم إلا بالسنة وأخبار الآحاد. قيل: أما على قول أبي الطيب ابن سلمة فالآية وردت في الأبكار وورد الرجم في الثيب.

وأما على طريقة غيره فقول السنة الواردة في الرجم مبينةٌ للقرآن وليست بناسخةٍ، لأن النسخ إنما يكون في حكم ظاهر الإطلاق. أما إذا كان مشروطًا وزال الشرط لا يكون نسخًا وقد قال تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [النساء:١٥] وقد وردت السنة مبينة للسبيل وهذا كما لو قال: احبسوهن عشر سنين فانقضت لا يكون انقضاؤها نسخًا، وقيل: لم يجعل الله تعالى الحبس حدهن بقوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البُيُوتِ} [النساء:١٥] وإنما أمر بحبسهن ليتبين حدهن ثم تعين بالسنة، وقيل: الرجم ثبت بالقرآن الذي نسخت تلاوته على ما ذكرنا ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في خبر العسيف: "لأقضين بينكما بكتاب الله تعالى واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" وقيل ما ذكرنا من الأخبار والإجماع عن الصحابة كالتواتر ويجوز نسخ القرآن بمثله. [٢/أ] واعلم أنه لا يخالف في ثبوت رجم الزاني إلا الخوارج فإنهم لا يقولون به بناءًا على أصلهم الفاسد: إن الأحكام لا تثبت إلا بنص الكتاب أو بأخبار التواتر.

ثم اعلم أن الثيب إذا زنا يرجم ولا يجلد ونريد بالثيب المحصن، وقال داود وأهل الظاهر: يجلد مائة ثم يرجم وبه قال أحمد وإسحاق وابن المنذر. وروي عن البصري كخبر عبادة بن الصامت. ودليلنا "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين زنيا" ولم ينقل أنه جلدهما ورجم ماعزًا حين اعترف بالزنا ولم يجلده وأما خبرهم فصار منسوخًا بفعل

<<  <  ج: ص:  >  >>