للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبي صلى الله عليه وسلم على ما ذكرنا أو بحمله على ما لو زنا بكرًا ثم زنا ثيبًا يجلد ويرجم في أحد الوجهين لأنهما حدان مختلفان ذكره أصحابنا. فإن قيل: روي عن علي رضي الله عنه أنه جلد شراحة الغمدانية يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة، وقال: جلدتها بكتاب الله تعالى ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل: رواه الشعبي مرسلًا وقد خالفه عمر رضي الله عنه، أو يحمل على ما ذكرنا.

مسألة: قال: وجلد النبي صلى الله عليه وسلم بكرًا مائة وغربه عامًا.

إذا زنا البكر من الرجال أو النساء جلد مائة جلدةٍ ويغرب عن بلده سنةً وكلاهما يحبان على طريق الحق، وروي ذلك عن الخلفاء الأربعة الراشدين رضي الله عنهم والأوزاعي والثوري وابن أبي ليلى وأحمد، وقال أبو حنيفة: الجلد هو الحد والتغريب ليس بجد بل هو موكول إلي اجتهاد الإمام فيغربه تعزيرًا ولا يتقدر بمقدار والمعروف أنه يغرب من بيته إلي الحبس ومنهم من قال: يغرب عن بلده وهو المشهور وبه قال حماد واحتجوا بأن الله تعالى قال: {فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور:٢] ولم يذكر التغريب، وقال مالك: يحد الرجل ويغرب، والمرأة تجلد ولا تغرب واحتج بأن المرأة عورةٌ تحتاج إلي حفظ وصيانة والتغريب يمنع ذلك وهذا خطأ لما روى أبو هريرة وزيد الجهني أن رجلين اختصما إلي رسول صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي أن أتكلم قال: تكلم قال: إن ابني كان عسيفًا على هذا فزنا بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاةٍ وبجاريةٍ لي، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام وإنما الرجم على المرأة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، أما غنمك وجاريتك فرد عليك وجلد ابنه مائة جلدة وغربه عامًا. وأمر أنيسًا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها فاعترفت فرجمها" وهذا نص في وجوب التغريب. والعسيف الأجير.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "لأقضين بينكما بكتاب الله" معناه لأقضين بينكما بما فرضه الله عز وجل وأوحاه إذ ليس في كتاب الله تعالى ذكر الرجم منصوصًا، وقيل: الرجم، إن لم يكن منصوصًا باسمه الخاص فهو مذكور في الكتاب على سبيل الإجمال فإن الله تعالى قال: {فَآذُوهُمَا} [النساء:١٥] واسم الأذى عام في الرجم وغيره، وقيل: الأصل في ذلك قوله تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [النساء:١٥] فضمن الكتاب أن يكون لهن سبيل فيما بعد ثم جاء بيانه في الخبر وهو ما ذكرنا من خبر عبادة: "خذوا عني قد

<<  <  ج: ص:  >  >>