للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرنا في المنطقة ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: [٩٨/أ] رخّص للمحرم أن يشدّ المنطقة في وسطه، وإطلاق الرخصة يقتضي رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفرق، وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن المحرم يشدّ الهميان على وسطه، قالت: نعم، ويستوثق من النفقة (١) ومثله عن ابن عباس (٢)، ولأنه محتاج إلى ذلك، ولا يستمسك إلا بعقد فجاز له عقده كالمئزر، قال: ويتقلّد السيف ويتكتف بالمصحف لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم "صالح مع الكفار عام الحديبية أن يعود إليهم في السنة الثانية معتمرًا ويقيم بمكة ثلاثًا، وأن يدخل، وهو ومن معه إلا وعليهم جلبان السلاح، قال البراء بن عازب راوي الخبر: الجلبان: القراب بما فيه، وإنما سُمي جلبانًا لخفائه، وهذا الشرط، لأنهم لم يأمنوا أن يخفروا الأمان.

مسألة: قالَ (٣): ويستظلّ المحرم في المحمل.

له أن يستظّل بما لا يباشر رأسه كالخيمة والمحمل والعمارية، ولو أمسك شاشًا فوق رأسه بحيث لا يمارس رأسه، يجوز ولا فدية عليه مثل الخبرن وحكي عن مالك أنه يجوز أن يستظل نازلًا، ولا يجوز أن يستظلّ سائرًا، لأن ذلك الظل منسوب إليه كالعمامة، وتلزمه الفدية بذلك، وعن أحمد روايتان، واحتج بأن محرم ستر رأسه بما يقصد به الترفه كما لو غطّاه، وهذا لما روت أم الحصين، قالت: حججت مع النبي صلى لله عليه وسلم حجّة الوادع، فرأيت أسامة وبلالًا، أحدهما آخذًا بخطام ناقته، والآخر، رافعًا عليه ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة (٤)، وروي أن الآخذ بالخطام كان بلالًا والرافع للثوب أسامة، ولأنه تظلّل بما لا يماس رأسه، فأشبه إذا تظلّل بالسقف، وروي جابر في خبر [٩٨/ب] حجّة الوداع "أن النبي صلى الله أمر بقبة من شعر فضربت له فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة وقد ضربت له بنمرة فنزل بها".

فإذا تقرر هذا، فالمستحب للرجل البروز للشمس، وإن كانت امرأة فالسراويل أولى وروي أحمد بن حنبل عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه رأى رجلًا قد جعل على محمله عمودًا له شعبتان وجعل عليه ثوبًا يستظلّ به، وهو محرم، فقال له ابن عمر: أضح للذي أحرمت له (٥) أي: أبرز للشمس، وقال الرياشي: رأيت أحمد بن المعذل في الموقف في يوم شديد الحرّ، وقد ضحى الشمس، فقلت له: يا أبا الفضل هذا أمر قد اختلف فيه، فلو أخذت بالتوسعة فأنشد يقول:

ضَحيتُ لهُ كي أستَظلّ بظلّهِ إذا الظلّ أمسى في القيمة قالصا


(١) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٩١٨٦)، وفي "معرفة السنن" (٤/ ٤٣).
(٢) أخرجه البيقي في "الكبرى" (٩١٨٧)، وفي "معرفة السنن" (٤/ ٤٣).
(٣) انظر الأم (٢/ ٧٣).
(٤) أخرجه مسلم (٣١٢/ ١٢٩٨)، وأبو داود (١٨٣٤)، والبيهقي في "الكبرى" (٩١٩٠).
(٥) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٩١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>