للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع آخر

لو اختلف الزوجان، فقال الزوج: تزوجت بك وأنت حلالٌ، وأنا كذلك، وقالت المرأة: تزوجت بي، وأنا محرمة، فالقول قول الزوج نص عليه كما لو قالت: أنا أختك من الرضاعة، وأنكر الزوج، كان القول قوله مع يمينه، وكذلك إذا تزوج بأمٍة، فقالت الأمة: ومولاها تزوجت بها، وهي محرمة، وأنكر الزوج، كان القول قوله مع يمينه، لأن النكاح قد صحّ في الظاهر.

فرع آخر

قال في "الأم": لو وكّل المحرم حلالًا في تزويجه، فالوكالة فاسدة، لأنه لا يجوز له ذلك في حال إحرامه، فإن زوجه الوكيل بعد تحلله من الإحرام صحّ النكاح، لأن الاعتبار بحال العقد لا بحال التوكل، ولأن إذنه قد حصل، فإذا عقد عقدًا بإذنه، يصحّ، فإن قيل: أليس قلتم: لو وكل صبيًا في النكاح، فبلغ وزوج لا يصحّ حين كانت الوكالة فاسدة، فما الفرق، قيل: الفرق أن الصّبي ليس من أهل الإذن والعقد في الجملة بخلاف المحرم [٩٧/ب].

مسألة: قالَ (١): ولا بأس أن يراجع امرأته إذا طلّقها تطليقة.

للمحرم أن يرق زوجته ويراجعها سواء طلقها، ثم أحرم، أو أحرم ثم طلّقها. وبه قال جماعة العلماء، وقال إسحاق وأحمد في رواية: لا تجوز رجعته، وهذا غلط، لأن الرجعة تجري مجرى استدامة النكاح، والإحرام لا يمنع من استدامته، ألا ترى أن المولى كما لا يمنع عبده من استدامة النكاح لا يمنعه الرجعة، لأنها عقد لا تفتقر صحّته إلى الشهود، فلا يمنع منه المحرم كالبيع، وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهان، وهذا ليس بشيء، فإن قيل: ما الفائدة في تقييده بالطلقة الواحدة عند قوله: ولا بأس أن يراجع، قيل: أراد تعميم الحرّ والعبد في ذلك إذ العبد كالحرّ في الرّجعة بعد الطلقة الواحدة، ولا يشبهه بعد الطلقتين، وكذلك ذكر العدة ليستقيم حدّ الرجعة في الأحرار والعبيد.

مسألة: قالَ (٢): ويلبس المحرم المنطقة للنفقة.

المحرم يلبس المنطقة ويشدّ الهميان في وسطه احتاج إليه للنفقة أو لم يحتج إليه، ولو جعل في طرفي المنطقة سيورًا، فعقد بعضها إلى بعض لم يضره، نصّ عليه في "الأم" (٣)، وقال بعض أصحابنا: الأولى، تركها لما فيها من الإحاطة بالبدن، وقال مالك: إذا عقدها بشرائحها فهي كالمخيط يلزمه الفدية، وحكي أصحابنا عنه مطلقًا أنه لا يجوز له ذلك، وحكي بعض أصحابه عنه: أنه يجوز نحو مذهبنا، ويجوز أن يشدّ في وسطه حبلًا، أو يحتزم بعمامة. وقال مالك: لا يجوز ذلك من حاجةٍ ماسةٍ، وهذا غلط لما روي عن عمر رضي الله عنه، أنه كان يحتزم لإحرامه (٤)، والدليل على ما


(١) انظر الأم (٢/ ٧٣).
(٢) انظر الأم (٢/ ٧٣).
(٣) انظر الأم (٢/ ١٢٨).
(٤) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٩٠٧٠)، وفي "معرفة السنن" (٢٨٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>