للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلاد أهل الشرك هكذا أو شيئاً استطاب أنفس من ظهر عليه بخيل وركاب فتركوه كما استطاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنفس أهل سبي هوازن فتركوا حقوقهم وفي حديث جرير بن عبد الله عن عمر رضي الله عنه أنه عوضه من حقه وعوض امرأته من حقها بميراثها كالدليل على ما قلته".

قال في الحاوي: وهذا كما قال.

لا يخلو مال الفيء من أن يكون منقولاً أو غير منقول، فإن كان منقولاً كالدراهم والدنانير والعروض والسلع قسم بين أهل الفيء بوضع خمسه في أهله، وأربعة أخماسه في مستحقه وجاز له أن يبيع العروض إذا رأى ذلك ملاحا بالدراهم والدنانير لماله فيه من الاجتهاد إلا سهم ذي القربى فلا يجوز بيعه عليهم إلا بإذنهم لانقطاع اجتهاده فيه وأنه صائر إليهم على سبيل الميراث وان كان مال الفيء غير منقول كالدور والعقار والأرضين.

قال الشافعي فهي وقف فاختلف أصحابنا فيه على وجهين:

أحدهما: أنها تكون وقفاً على القول الذي يجعل مصرف الغي، في وجوه المصالح لما في وقفها من استدامة المملحة واستدرار العلة في كل عام، وأنه يستغلها لأهل الفيء في كل عصره، فأما على القول الذي يجعل مال الفيء ملكا للجيش خاصة فلا يجوز وقفها إلا بإذنهم واختيارهم كالغنيمة التي لا يجوز وقف دورها وأرضيها إلا برضى الغانمين واختيارهم.

والثاني: قاله كثير من أصحابنا أنها تصير وقفاً على القولين معاً، لأن تمليك الغلة في كل عام أما وأنفع، ولأن أهل الفيء قاموا في تملكه مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حقه وما ملكه رسول - صلى الله عليه وسلم - وحقه في الفيء وقف، فكذلك ما ملكه الجيش بعده فصار الحكم فيه أن يصير وقفاً على القول الذي يجعل مصرفه في وجوه المصالح وهو يصير وقفاً على القول الآخر أنه ملك للجيش خاصة أم لا؟ على وجهين.

فصل

فإذا تقرر ما ذكرنا من كون ذلك وقفاً كان جميعه من الخمس وغيره وقفاً إلا سهم ذي القربى وحده فإن أصحابنا اختلفوا فيه هل يصير سهمهم منه وقفاً معه أم لا؟ على وجهين:

أحدهما: لا يصير وقفاً إلا عن رضى منهم واختيار لتملكهم له على سبيل الميراث.

والثاني: وهو الأصح أنه قد صار وقفاً لأنهم قد ملكوا خمس الخمس من مال محكوم له بالوقف فلهم يميز حكم سهمهم منه عن حكم جميعه وصار ما ملكوه منه وهو استغلاله في كل عام مع بقاء أصله، وإذا ثبت أن جميع ذلك يكون وقفاً فإنها تصير وقفاً بمصيرها فيها ولا يحتاج إلى واقف يقفها.

وقال بعض أصحابنا البصريين: لا تصير وقفاً إلا أن يقفها الإمام لفظاً لأن عمر

<<  <  ج: ص:  >  >>