رضي الله عنه استنزل أهل السواد عنه وعارض من أبى أن ينزل عنه ثم وقفه، وهذا خطأ، لأمرين:
أحدهما: أن ما لا يتم وقفه إلا باللفظ إنما يكون فيما رد إلى خيار الواقف في تملكه ووقفه وهذا غير مردود إلى خيار الواقف في تملكه ووقفه فلم يحتج إلى لفظ.
والثاني: أنه حكم قد يبت لأرض الفيء مد انتقالها من المشركين فصارت بالانتقال وقفاً، وأما عمر رضي الله عنه نفي فعله جوابان:
أحدهما: أن الذي فعله هو أن حكم بوقفها.
والثاني: أنه استنزل الغانمين عن ملك فجاز أن يقفه بلفظ وليس كذلك الفيء، وانه أعلم.
مسألة (١)
قال الشافعي: قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً} [الحجرات: ١٣] الآية. قال: وروى الزهري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرف عام حنين على كل عشرة عريفاً. قال: وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمهاجرين شعاراً وللأوس شعاراً وللخزرج شعاراً. قال: وعقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الألوية فقعد للقبائل قبيلة فقبيلة حتى جعل في القبيلة ألوية كل لواء لأهله كل هذا ليتعارف الناس في الحرب وغيرها فتخف المؤنة عليهم باجتماعهم وعلى الوالي كذلك؛ لأن في تفرمهم إذا أريدوا مؤنة عليهم وعلى واليهم فهكذا".
قال في الحاوي: وهذا صحيح ينبغي للإمام أن يمين الجيش بما يتزينون به ويتعارفون، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: ١٣] وفي الشعوب والقبائل ثلاثة تأويلات:
أحدها: أن الشعوب للنسب الأبعد والقبائل للنسب الأقرب.
والثاني: أن الشعوب عرب اليمن من قحطان والقبائل ربيعة ومضر وسائر عدنان.
والثالث: أن الشعوب بطون العجم والقبائل بطون العرب فجعل ذلك سمة للتعارف
وأصله التمييز وذلك يكون من وجهين:
أحدهما: ها يتعارفون به.
والثاني: ما يترتبون فيه.
فأما ما يتعارفون به فثلاثة أشياء العرفاء والنقباء واختلاف الشعار.
فأما العرفاء فهم أن يضم إلى كل جماعة واحد منهم يكون عريفاً عليهم وقيماً بهم يرجعون إليه في عوارضهم، ويرجع الإمام إليه في تعرف أحوالهم ويضيفهم إليه إذا أراد
(١) انظر الأم (٣/ ٢١٤، ٢١٥).