وامرأتان ولا يقبل فيما كثر إلا شاهدان لخفة القليل وتغليظ الكثير وكلا القولين خطأ, والدليل عليهما أن الله تعالي نص في كتابه علي ثلاث شهادات خالف بين أحكامها وجعلها أصولا لما أغفله ليكون المغفل فرعا ملحقا بأصله فيها فنص علي أربعة شهود في الزني ونص علي شاهدين في الطلاق والرجعة ونص علي شاهد وامرأتين في الأموال وأغفل الشهادة في الجنايات فصارت فرعا لأحدها فلم يجز أن تحمل علي الزني لأنه لما لم تحمل عليه فيما دون النفس, لم تحمل عليه في النفس, لوجوب تساويهما كما استوي حكم الزني في ما أوجب الرحم وما أوجب الجلد فبطل به قول الحسن ولم يجز أن يحمل علي الأموال لأنه لما لم يحمل عليها فيما كثر لم تحمل عليها فيما قل, لاستواء حكم الأموال فيما قل وكثر فبطل هذا قول مالك فلم يبق إلا الأصل الثالث وهو الشاهد في الطلاق والرجعة فيما كثر وقل, والله أعلم.
مسألة
قال الشافعي رضي الله عنه: ((ويقبل شاهد وامرأتان ويبين وشاهد فيما لا قصاص فيه مثل الجائفة وجناية من لا قود عليه من معتوه وصبي ومسلم علي كافر وحر علي عبد وأب علي ابن لأن ذلك مال)).
قال في الحاوي: وهذا صحيح كل جناية سقط القصاص فيها وأوجبت الدية قبل فيها شاهد وامرأتان, وشاهد ويمين, كالأموال لأن كل ذلك مال والذي لا قصاص فيه من الجنايات علي ثلاثة أضرب:
أحدها: الخطأ المحض ممن كان وعلي من كان.
والثاني: عمد الخطأ, لأنه في حكم الخطأ إلا في تقسيط الدية فيه وتخفيفها.
والثالث: العمد الذي يسقط فيه القصاص وهو ثلاثة أضرب:
أحدهما: ما سقط لمعني في الجاني, كجناية الصبي والمجنون, وجناية الأب علي الابن.
والثاني: ما سقط لمعني في المجني عليه كجناية المسلم علي كافر, وجناية الحر علي عبد.
والثالث: ما سقط لمعني في الجناية كالجائفة فيقبل في جميع هذا كله شاهد وامرأتان وشاهد يمين وسواء كانت في نفس أو طرف أو جرح, فإن صارت الجائفة نفسا لم يقبل فيها شاهدان, لأنها صارت موجبة للقصاص في النفس.
فصل:
فإذا كانت الجناية عمدا فقال ولي القصاص: لست أقتص فاسمعوا مني شاهدا