أحدهما: لا يؤاخذ فيه بالكفارة.
والثاني: لا يؤاخذ فيه بالإثم.
وفي قوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: ٢٢٥] تأويلان:
أحدهما: ما قصدتم من الأيمان.
والثاني: ما اعتمدتم من الكذب {وَاللَّهُ غَفُورٌ} [آل عمران: ٣١] لعباده فيما لغوا من أيمانهم {حَلِيمٌ} [البقرة: ٢٦٣] في ترك معاجلتهم بالعقوبة على معاصيهم.
وقال تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ} [المائدة: ٨٩]. وعقدها هو لفظ باللسان، وقصد بالقلب، لأن ما لم يقصده من أيمانه هو لغو لا يؤاخذ له.
وفي تشديد قوله: {عَقَّدْتُمْ} [المائدة: ٨٩] تأويلان:
أحدهما: تغليظ المأثم بتكرارها.
والثاني: أن تكرارها في المحلوف عليه إذا كان واحدًا لم يلزم فيه إلا كفارة واحدة.
ثم قال تعالى: (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) [المائدة: ٨٩]. فيه وجهان:
أحدهما: أنها كفارة ما عقدوه من الأيمان، قاله الحسن، وقتادة.
والثاني: أنها كفارة الحنث بعد عقد الأيمان، ولعله قوله ابن عباس، وسعيد بن جبير، والأصح عندي من إطلاق هذين الوجهين أن يعتبر حال اليمين في عقدها وحلها، فإنها لا تخلو من ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يكون عقدها طاعة، وحلها معصية.
كقوله: والله لا صليت ولا صمت.
فإذا حنث بالصلاة والصيام كانت الكفارة لتكفير مأثم اليمين دون الحنث.
والثالثة: أن يكون عقدها مباحًا، وحلها مباحًا.
كقوله: والله لا لبست هذا الثوب، ولا دخلت هذه الدار.
فالكفارة تتعلق بهما، وهي بالحنث أحق، لاستقرار وجوبها به.
وقال تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: ٨٩] وفيه ثلاثة تأويلات:
أحدهما: أحفظوها أن يحلفوا.
والثاني: أحفظوها أن تحنثوا.