للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كالمبتدئ للسفر فيعطى نفقة باقي سفره بعد توبته وإن كان سفره مباحاً فعلى ثلاثة أقسام:

أحدهما: أن يكون لغير حاجة كالسفر إلى نزهة وتفرج فلا يجوز أن يعطى وإن أبيحت له الرخص لأن مال الصدقات مصروف إلى ذوي الحاجات وليس هذا منها ولكن لو سافر للنزهة بماله ثم انقطعت به النفقة لعوده جاز أن يعطى لحاجته وضرورته.

والثاني: أن يكون لحاجة ماسة كالسفر في طلب غريم هرب أو عبد آبق أو جمل شرد فهذا يعطى لسد حاجته.

والثالث: أن يكون لحاجة لكنها غير ماسة كالسفر في تجارة ففي جواز إعطائه وجهان:

أحدهما: يعطى لوجود الحاجة.

والثاني: لا يعطى لأنه طالب للاستزادة.

فصل

فإذا ثبت من يجوز إعطاؤه من بني السبيل فلا يخلو إما أن يكون منشئاً للسفر أو مجتازاً فيه، فإن كان منشأ لسفره لم يجز أن يعطى إلا مع الفقر وهو بالخيار بين أن يأخذ من سهم الفقراء والمساكين ومن سهم ابن السبيل، وإن كان مجتازاً في سفره جاز أن يأخذ مع العدم في سفره وإن كان غنياً في بلده، ولم يجز أن يأخذ إلا من سهم بني السبيل ولا يأخذ من سهم الفقراء والمساكين لمراعاة الجوار في الفقر، وليس المجتاز جاراً ثم يعطى عند اتساع المال بحسب مسافة سفره، فإن أراد العود أعطي نفقة ذهابه وعوده ونفقة ثلاثة أيام هي مقام المسافر في بلاد سفره، وإن لم يرد العود أعطي نفقة الذهاب وحده ولم يعط نفقة ثلاثة أيام لانتهاء سفره بالقدوم، فإن قصر بعد المسافة في نفقته وضيق على نفسه حتى بقيت معه بقية بعد انتهاء سفره استرجعت منه.

والفرق بينه وبين الغازي لم تسترجع منه بقية نفقته أن الغازي كالمعاوض على غزوه عناء فلم يلزمه رد الباقي لاستكمال العمل والمسافر معان على سفره فلزمه رد ما زاد على معونته، فإن أخذ ابن السبيل نفقة سفره ثم أفاد قدر نفقته استرجع منه ما أخذ، ولو أخذ الفقير ثم أفاد ما زال به فقره لم يسترجع منه ما أخذه.

والفرق بينهما أن ابن السبيل يعطى لأمر منتظر فاعتبرت حاله فيما بعد والفقير يعطى للحال التي هو فيها فلم يعتبر حاله من بعده، ولو أن ابن السبيل أخذ نفقة سفره إلى غاية قدرها مائة فرسخ شطر المسافة ثم قطع سفره نظرنا في نفقته، فإن كان أنفق في شطر المسافة جميع نفقته نظر، فإن كان قد فعل ذلك لغلاء سعر أو زيادة مؤنة لم يسترجع منه وإن كان لسرف في شهوة وإكثار استرجعت منه نفقة الباقي من سفره كما لو لم يسافر وأنفق في ذلك في مقامه استرجع منه جميعاً؛ لأنه أخذها ليستقبل بها ما لم يفعله والله أعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>