حضورها فهذا يسترجع منه ما أخذه، لأن المقصود بالغزو لقاء العدو.
والثاني: أن لا تكون وقفة ولا حارب المجاهدون فيها أحداً لبعد المشركين عنهم فهذا لا يسترجع منه ما أخذه لأن المقصود بغزوهم هو الاستيلاء على ديارهم وقد وجد لبعدهم.
مسألة (١)
قال الشافعي:"وابن السبيل عندي ابن السبيل من أهل الصدقة الذي يريد البلد غير بلده لأمر يلزمه".
قال في الحاوي: وهذا صحيح وبنو السبيل هو صنف من أهل السهمان قال الله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ}[التوبة:٦٠] وبنو السبيل هم المسافرون؛ لأن السبيل الطريق سموا بها لسلوكهم لها وهم ضربان: مجتاز ومنشئ.
فأما المجتاز فهو المار في سفره ببلد الصدقة.
وأما المنشئ: فهو المبتدئ لسفره عن بلد الصدقة وهما سواء في الاستحقاق وقال أبو حنيفة ومالك: ابن السبيل من أهل السهمان هو المجتاز دون المنشئ استدلالاً بقوله تعالى: {وَاِبْنِ السَّبِيلِ}[التوبة:٦٠] يعني ابن الطريق وهذا ينطبق على المسافر المجتاز دون المنشئ الذي ليس بمسافر مجتاز.
ودليلنا هو أن ابن السبيل يعطي لما يبتدئه من السفر لا لما مضى منه فاستوي فيه المجتاز المنشئ، لأن كل واحد منهما مبتدئ؛ لأن المسافر لو دخل بلداً أو نوى إقامة خمسة عشر يوماً صار في حكم المقيمين من أهله ويصير عند إرادة الخروج كالمنشئ ثم يجوز بوفاق فكذا كل مقيم منشئ وفيه انفصال عن الاستدلال.
فإن قيل: فكيف يسمى من لم يسافر مسافراً.
قيل: كما يسمى من لم يحج حاجاً ومثل ذلك قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}[البقرة:٢٨٢].
فصل
فإذا تقرر أن المجتاز والمنشئ سواء فلا يخلو حاله فيما ينشئه من سفر من ثلاثة أقسام:
إما أن يكون في طاعة أو يكون في معصية أو يكون مباحاً، فإن كان سفره طاعة كالحج وطلب العلم وزيارة الوالدين أعطى من سهم ابن السبيل معونة على سفره وطاعته، وإن كان سفره معصية كالسفر لقطع الطريق وإتيان الفجور، فلا يجوز أن يعطى ولا يعان على معصية كما يمنع من رخص سفره، فإن تاب العاصي في سفره صار بعد التوبة