أصغر منه سناً، وقد روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من أم قوماً وفيهم من هو أقرأ [١ ب/٣] للقرآن منه وأفقه لم يزل في سفال إلى يوم القيامة، فإذا ثبت هذا فلا يختلف المذهب أن القراءة والفقه مقدمان على غيرهما من الشرائط لأنهما يختصان بالصلاة بخلاف غيره. ثم ينظر فيه فإن استويا في الفقه وأحدهما أقرأ فالأقرأ هو أولى وإن استويا في القراءة وكان أحدهما أفقه فالأفقه أولى، وإن كان أحدهما يقرأ ما يكتبه في الصلاة وليس فقيه، والآخر لا يقرأ ما يكفيه في الصلاة، وهو فقيه فالقارئ أولى؛ لأن الفرقة شرط بخلاف الفقه، فإن كان أحدهما يقرأ ما يكفي الصلاة وهو كتاب الفقه والآخر يفقه ما يكفي الصلاة وهو القراءة قال في كتاب "الإمامة" إن قدم الفقيه فحسن، وإن قدم القارئ ههنا فحسن ثم قال بعده: يشبه أن يكون من كان فقيهاً وقرأ من القرآن شيئاً هو أولى بالإمامة لأنه قد ينو به في الصلاة ما يعلم كيف يفعل به من الفقه ولا يعلمه من لا فقه له وهذا ترجيح منه للفقيه على القارئ وبه قال مالك وأبو حنيفة رحمهما الله والأوزاعي وأبو ثور وعطاء بن أبي رباح وهذا لأن القراءة الواجبة هي محصورة بخلاف الفقه الذي يحتاج إليه المصلي.
ومن أصحابنا من أطلق [٢ أ/٣] وقال: هما سواء في قول الشافعي لأن الفضيلتين تقابلتا والصحيح ما ذكرنا، وهو ظاهر في آخر كلام الشافعي.
وقال الثوري وأحمد وإسحاق: -رحمهم الله-: القارئ أولى واختاره ابن المنذر رحمه الله واحتجوا بما روى أوس بن ضمغج عن ابن مسعود البدري رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قراءة فإن كانوا في القراءة سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سناً ولا يؤم الرجل في بيته ولا في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه".
وتكرمته: فراشه. وروي في هذا الخبر فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة وهذا غلط لما ذكرنا من الدليل، ولهذا كان الفقيه بالقضاء والإمامة الكبرى أولى من القارئ، وأما الخبر فأجاب الشافعي بما قال: إن من مضى كانوا يسلمون كباراً يتفقهون قبل أن يقرؤوا ويريد به الصحابة الذين هم المخاطبون من بعدهم من التابعين إلى يومنا هذا، كانوا يقرؤون القرآن صغاراً قبل أن يتفقهوا، وأراد لم يكن أحد من الصحابة أقرأ إلا وهو فقيه إذ ذاك وكثير منهم كانوا فقهاء ولم يكونوا قراء واليوم يتعلمون [٢ ب/٣] الناس القرآن صغاراً، ويتفقهون كباراً فكثير منهم يكونون قراء ولا يكونون فقهاء فلهذا لم نقدم الأقرأ اليوم على الأفقه.
وقد روي أنه لم يجمع جميع القرآن من الصحابة إلا ستة، فقرأ أبو بكر وعثمان