للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلي وزيد وأبي وابن مسعود ثم بعدهم ابن عباس رضي الله عنهم، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "كان أحدنا إذا حفظ سورة من القرآن لم يخرج عنها إلى غيرها حتى يحكم عليها أو يعرف حلالها من حرامها"، فإن استويا في الفقه والقراءة معاً ففيه قولان:

قال في "القديم": يقدم بالشرف فإن كان في الشرف سواء فقدم الهجرة فإن كانا في الهجرة سواء فأكبرهم سناً، وقال في "الجديد": السن يتقدم على الشرف والهجرة فإن كانا في السن سواء فالشرف أولى، فإن كانا في الشرف سواء فأقدمهم هجرة فلا يختلف القول: إن الهجرة تلي الشرف، وإنما الخلاف في السن هل يقدم عليهما أو يؤخر عنهما؟ فيه قولان: فالترتيب على قوله القديم: القراءة والفقه والشرف والهجرة والسن، وعلى قوله الجديد: القراءة والفقه والسن والشرف والهجرة وأن ... علامة للحفظ فقل هل السن أوسطها أم آخرها؟ قولان:

ووجه قوله القديم وهو اختيار [٣ أ/٣] أبي إسحاق قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قدموا قريشاً"، ولأن النسب حصل بأمر مكتسب كانا لآبائه والسن صفة تحدث ليست بمكتسبة فالمكتسب أولى ووجه قوله الجديد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يؤمكم أكرمكم"، ولأنه فضل في نفسه والنسب فضل في آبائه ولأن من كبر سنه يكون أسكن وأخشع في الصلاة.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: لم يقل الشافعي رحمة الله عليه فإن استويا فأقدمهم هجرة، فإن أراد المزني أنا لو صورنا رجلين في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدهما من المهاجرين الأولين، والآخر من مسلمي الفتح فالأمر كما قال، وإن أراد أن ولد المهاجر أولى من ولد من لم يهاجر فهو نسب، والنسب يقدم أو السن؟ فيه وجهان وهذا غلط؛ لأنا نقلنا لفظ الشافعي فيه، والهجرة غير النسب فلا معنى للوجهين مع النص، فإن تساويا في كل هذا. قال أصحابنا: تقدم أورعهم وأدينهم وقال بعض المتقدمين: يقدم أحسنهم فمن أصحابنا من قال: أراد أحسنهم صورة لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "يؤمكم أحسنكم وجهاً فإنه أحرى أن يكون أحسنكم خلقاً" ذكره في الحاوي [٣ ب/٣] ولأنه فضيلة كالنسب.

ومنهم من قال: يقدم أحسنهم بين الناس ذكراً وأشدهم طريقة وهذا أحسن ذكره القاضي الطبري رحمه الله وروت عائشة وأبو هريرة رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب انه فإن كانوا في القراءة سواء فأفقههم فإن كانوا في الفقه سواء فأكبرهم سناً فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجهاً فإن كانوا في الصباحة والحسن سواء فأكبرهم حسباً". وقيل بعد السن والنسب يقدم لطيفه الثوب على

<<  <  ج: ص:  >  >>