لو سرق وكانت يده اليمنى شلاء فإن كانت بحيث لو قطعت استرخت العروق ولم تنقبض أفواهها ويهلك الرجل لم يقطع بل يبدأ بقطع الرجل اليسرى كما لو كان مفقود اليد اليمنى، وإن لم يكن على هذا الوجه قطعت اليد الشلاء.
فرع آخر
لو قيل له: أخرج يمينك لتقطع في السرقة فأخرج يساره فقطعت لم تقطع يمينه نص عليه في كتاب الجنايات، وقال في القديم: إذا قال الحاكم للجلاد: اقطع يمين هذا في سرقة سرقها فعمد الحداد فقطع يساره سئل فإن أقر بأنه عمد قطعها وهو يعلم أن القطع ليس على يساره ننتظر السارق فإذا برأ اقتص من القاطع وقطعت يمينه، وإن قال: دهشت وكان ممن يدهش مثله درئ عنه القصاص وغرم أرش يده والقياس أن تقطع يمينه وقد سمعت من يدرأ القطع عن يمينه وهذا استحسان إن كان يجوز الاستحسان وهذا قولٌ آخر في المسألة والصحيح الأول لأن القصد منه الزجر والردع وقد حصل بقطع الشمال وإنما قال الشافعي في القديم: إن القياس هذا لأنه قطع تعلق بعضوٍ فلا يسقط بقطع عضوٍ آخر كالقصاص فإذا قلنا: يسقط القطع عن يمينه [٧٨/أ] قال القاضي أبو حامد: لا يجب على قاطع يساره قود ولا عقل.
فرع آخر
لو وجب القطع في يمينه فلم يقطع حتى ذهبت يساره بأكلةٍ أو مرضٍ لم يسقط القطع عن يمينه، وقال أبو إسحاق: يسقط في أحد القولين كما قطع الجلاد يساره على ما ذكرنا وهذا خلاف نص الشافعي وإنما هو مذهب أبي حنيفة، والفرق ظاهر وهو أن القاطع اعتقد أنه يأخذ يساره بيمينه فكان ذلك شبهةً في سقوط القطع عن اليمين وهنا ما ذهبت اليسار بدلًا عن يمينه فلا يسقط قطع يمينه.
مسألة: قال: ولا يقطع الحربي إذا دخل إلينا بأمان.
اعلم أن المقيمين في دار الإسلام ثلاثة أضرب مسلم، وذمي، ومعاهد، فأما المسلم فعلى الإمام أن يذب عنه من قصده ويدفع عنه من ظلمه، وإن وجب له حق استوفاه وإن وجب عليه حق يستوفي منه سواء كان حق الله تعالى أو حق الآدمي في مالٍ أو غير مالٍ. وأما الذمي فهو من عقدت له الذمة المؤبدة فهو بمنزلة المسلم فيما ذكرنا من الأحكام إلا أنه شرب الخمر لم يحد وإن أصاب ذات محرم بنكاح لم يحد لأنه بتدينه وقال في "الحاوي": إن اعتقدوا نكاح المحارم كالمجبوس يقرون عليه، ولو زنا بذمية ففي وجوب إقامة حدهما على الإمام قولان بناءً على القولين في