للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوليه في القرعة هل ترجح بها الدعوى أو البينةً، فإن قرعت بينة المسلم كان هو الوارث وإن قرعت بينة النصراني كان هو الوارث.

والثالث: استعمال البينتين وجعل التركة بينهما نصفين، فاختلف أصحابنا في صحة تخريج هذا القول في الميراث كتخريجه في الأموال على وجهين:

أحدهما: وهو قول المزني، وطائفة معه أن تخريجه في هذا الموضع صحيح استشهادًا بذكر الشافعي له، واحتجاجا من قوله "بأن رجلين لو رميا طائرًا، فسقط ميتًا، ولم يعلم أيهما أثبته برميه أنه بينهما نصفين، وإن كان إثباته من أحدهما، كذلك الميراث".

والثاني: وهو قول أبي إسحاق المروزي، وطائفةً معه أن تخريجه لا يصح في هذا الموضع، لاستحالة أن يشترك مسلم ونصراني في ميراث ميت، لأنه إن مات نصرانيًا ورثه النصراني دون المسلم، وإن مات مسلما ورثه المسلم دون النصراني، فإذا قسم بينهما علمنا قطعًا أن أحدهما قد أعطي ما لا يستحقه، ومنع الآخر مما يستحقه وإن لم يتعين وليس كالمال الذي يصح اشتراكهما في سببه، فيشتركان في تملكه. وكذلك الطائر إذا رمياه، جاز أن يكون تكامل إثباته برميهما، فصح فيه اشتراكهما، وجعل ما نص عليه الشافعي هاهنا في أحد الأقاويل من قسمة بينهما أنه حكاه عن مذهب من يراه، وهو مذهب من قال من أهل العراق بتوريث الغرقى بعضهم من بعض، ولم يحكه عن نفسه، لأنه لا يرى ذلك في الغرقى وقد تكلم على ضعفه ووهائه، فقال: لو قسمت كنت لم أقض لواحد منهما بدعواه، ولا ببينته وكنت على يقين خطأ، ينقص من هو له عن كمال حقه، وإعطاء الآخر ما ليس له.

فصل:

وأما القسم الثالث: وهو أن تكون الشهادة بالإسلام مطلقةً، وبالنصرانية مقيدةً، وهو أن يقول شهود المسلم أن أباه مسلم، ويقول شهود النصراني، إن أباه مات على دين النصرانيةً، قائلا بالتثليث عند خروج روحه، فلا تعارض في الشهادتين لأنه قد يسلم، ثم يرتد بعد إسلامه إلى النصرانية، فتصح الشهادتان، ويحكم بارتداده بعد الإسلام، فلا يرثه واحد من ابنيه ويكون ماله فيئا لبيت المال، لأن المرتد لا يرثه مسلم ولا نصراني.

فصل:

وأما القسم الرابع: أن تكون الشهادة بالإسلام مقيدةً، وبالنصرانيةً مطلقةً فيقول شهود المسلم إن أباه مات على دين الإسلام قائلًا بالشهادتين عند خروج روحه، ويقول شهود النصراني إن أباه نصراني فلا تعارض في شهادتهما على ما ذكر في مسألة الكتاب إن شهد شهود المسلم أن أباه مات مسلمًا، وشهد شهود النصراني أن أباه مات نصرانيًا، فقد اختلف أصحابنا هل تحمل هذه الشهادة على التقييد، أو على الإطلاق؟ على وجهين:

أحدهما: أنها محمولة على التقييد، لأن كل واحدةً منهما شهدت بدينه عند

<<  <  ج: ص:  >  >>