قال الشافعي رضي الله عنه:"ولو أقام بينة أنه غصبه إياها وأقام آخر البينة أنه أقر له بها فهي للمغصوب ولا يجوز إقراره فيما غصب".
قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا كانت دار في يد رجل فتداعاها رجلان، فقال أحدهما: هذه الدار لي غصبني عليها صاحب اليد، وأقام على ذلك بينة.
وقال الآخر:" هذه الدار لي، أقر لي بها صاحب اليد، وأقام على ذلك بينة: حكم بالدار للمغصوب فيه، دون المقر له، لأنه قد صار صاحب اليد بالبينة غاصبًا، وإقرار الغاصب مردود. وكذلك لو ادعاها الآخر أنه ابتاعها منه، كان بيع الغاصب، مردودًا فإن قيل: فيجب على الغاصب غرم قيمتها لمن أقر له بها على أحد القولين كمن أقر بدار لزيد، ثم أقر بها لعمرو، وغرم لعمرو قيمتها في أحد القولين قيل: لا غرم عليه هاهنا، قولًا واحدًا.
والفرق بين الموضعين، أن استهلاك الدار على المقر له في هذا الموضع، كان بالبينةً فلا يلزم المقر غرم ما استهلكه غيره. وفي مسألة الإقرار كان المقر قد استهلكها على الثاني بإقراره الأول، فلزمه غرم ما استهلك.
فصل:
وإذا كانت الدار في يدي رجل، فتداعاها رجلان قال أحدهما: هذه الدار لي أودعتك إياها، وأقام على ذلك بينة. وقال الآخر: هذه الدار لي، أجرتك إياها وأقام على ذلك بينة. فصارا متداعيين لملكها، وإن اختلفا في حكم يد صاحب اليد، فتعارضت البينتان بالملك لتنافي شهادتهما فخرج في تعارضهما ثلاثة أقاويل:
أحدها: إسقاط البينتين، والرجوع إلى قول صاحب اليد.
والثاني: الإقراع بين البينتين، والحكم بمن قرع منهما فإن قرعت بينة مدعي الوديعةً، انتزعت من صاحب اليد ولا شيء عليه. وإن قرعت بينة مدعي الإجارة، فإن كانت المدة باقية، أقرت في يد صاحب اليد إلى انقضاء مدتها، وأخذ بأجرتها، فإن انقضت مدتها انتزعت من يده، وأخذ بالأجرةً.
والثالث: استعمال البينتين، وجعل الدار بين المتنازعين نصفين، نصفها لمدعي الوديعة، ينتزعه من صاحب اليد ونصفها لمدعي الإجارة يقره على صاحب اليد، إلى انقضاء المدة ويرجع عليه بنصف الأجرة.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وإذا ادعى عليه شيئًا كان في يدي الميت حلف