صاحب الحق له حنث الحالف، لأن الحق سقط بغير دفع، وقد اختار التملك فصار مختارًا للحنث، فحنث ولو كان الحق في الذمة فأبرأه منه، فإن قيل: إن الإبراء تمليك يقف على القبول حنث كالهبة وإن قيل: إنه إسقاط لا يفتقر إلى القبول ففي حنثه قولان، كالمغلوب على الحنث، ولكن لو قال: والله لا فارقتك ولي عليك حق، فوهبه له أو أبرأه منه بر في يمينه، لأنه لم يبق له بعد الهبة، والإبراء حق.
ولو كان له عنده وديعة ففارقه قبل استرجاعها نظر مخرج يمينه، فإن قال: لا أفارقك ولي عليك حق بر مع بقاء الوديعة، لأنه ليست عليه، وإن قال: لا أفارقك ولي عندك حق حنث ببقاء الوديعة، لأنها حق له عنده.
ولو كان له عنده عارية حنث في الحالين سواء قال: عليه أو عنده، لأن عليه ضمانها وعنده عينها.
فصل:
ولو حلف لا بعت لزيد متاعًا فوكل زيد في بيع فباعه الحالف لم يحنث، وعلى مذهب مالك يحنث، وليس بصحيح، لأنه أضاف المتاع إلى زيد بلام التمليك، فصارت يمينه مقصورة على ملك زيد، وهذا المتاع ملك لغير زيد، ولو قال: والله لا بعت متاعًا في زيد فوكل زيد في بيع متاعه فباعه الحالف نظر في توكيل زيد فإن وكل أن يبيعه كيف أرى بنفسه أو بغيره حنث الحالف، لأنه قد باع متاعًا في يد زيد، وإن وكل أن يبيعه بنفسه فدفعه إلى الحالف حتى باعه كان البيع باطلاً، ولم يحنث به الحالف ويكون الحنث واقعًا بما يصح من البيع دون ما فسد، وكذلك سائر العقود إذا حلف لا يعقدها، فعقدها عقدًا فاسد لم يحنث، وقال أبو حنيفة: يحنث بالصحيح منها والفاسد استدلالاً بأن العقد فعل، والصحة والفساد حكم، وعقد يمينه على الفعل دون الحكم.
ودليلنا: هو أن العقد ما تم، والفساد يمنع من تمامه، وإذا لم يتم شرط الحنث، لم يقع كالنكاح الفاسد، فإنه وافق على أنه لا يحنث به، وخالف في البيع الفاسد، فأوقع الحنث به، فإن اعتبر الحنق بفعل العقد بطل النكاح، وإن اعتبر بصحة العقد بطل البيع، فلم يسلم له دليل، ولم يصح له تعليل.
فصل:
فإذا حلف لا يصوم، فدخل في الصيام حنث بالدخول فيه، وإن لم يستكمل جميع اليوم. ولو حلف لا يصلي حنث بإحرامه بالصلاة، وإن لم يستكملها.
وقال ابن سريج: لا يحنث حتى يقرأ بعد الإحرام، ويركع، فيأتي بأكثر الركعة. وقال أبو حنيفة: لا يحنث حتى يستكمل ركعة بسجدتها يستوعب بها جنس، أفعال الصلاة.
ودليلنا: هو أن يكون مصليًا بالدخول في الصلاة، كما يكون صائمًا بالدخول في