الغائب في أول صفر، فهذه مات زوجها وهي جارية في عدة الوطء فتقطع عدتها ويلزمها أن ترجع إلى عدة زوجها فتعتد أربعة أشهر وعشرًا، فإذا فرغت منها أكملت ما بقي من عدة الواطئ لأن عدة [الزوج] أولى وأعظم حرمة، وقد سبق نظير هذه المسألة.
وأما إذا عرف موت أحدهما مثل أن يعلم أن الواطئ في النكاح الفاسد مات في أول صفر، ولم يعلم موت الزوج هل هو متقدم أو متأخر؟ فإنَّا ننظر في الوقت الذي ورد فيه موت زوجها، فإن كان في آخر صفر تنظر في أقل مدة يجيء الخبر من الموضع الذي مات فيه وتقابل بها المدة من حين مات الواطئ، فإن سبق موت الواطئ كان الحكم على ما بيناه إذا سبق موت الزوج [ق ١٣١ أ] وإن لم يسبق موت الواطئ، فإن موت الزوج متأخر، وقد بينا حكمه.
وأما إذا علم أن أحدهما مات قبل الآخر ولا يعلم السابق منهما فالاحتياط أن يكون السابق الزوج حين يكون ابتدأ عدتها من حين مات المتأخر منهما موتًا فتأتي بأربعة أشهر وعشر، فإذا انقضت اعتدت بثلاثة أقراء من الواطئ إذا كانت حائلًا، فأما إذا حملت وولدت وألحقناه بالثاني، فإذا ولدته انقضت عدتها منه بوضعها، ثم تستأنف أربعة أشهر وعشرًا. وهل تحتسب بزمان النفاس؟ وجهان:
أحدهما: لا تحتسب لأن زمان النفاس تابع لزمان الحمل، فإن النفاس متولد منه.
والثاني: وهو الصحيح يحتسب به لأن عدة الوطء قد انقضت فما بعدها من الأيام محسوب من هذه الأشهر. ويخالف هذا إذا كانت مطلقة فإنها لا تحتسب بزمان النفاس من عدة الأول؛ لأن الأقراء هي الأطهار فلا يحتسب منها زمان الدم كما لا يحتسب بما م ر في خلال الأقراء من الحيض، وإذا ظهر منها أمارات الحمل من الثاني فإنها تعتد منه فلو اعتدت، ثم تبين أنه كان ريحًا، ولم يكن حملًا، وقد مضت أربعة أشهر وعشر وثلاثة أقراء بعدها، فإن عدتها قد انقضت منهما جميعًا؛ لأن جهلها بأن عدتها بالأشهر أو بالأقراء لا يمنع من مضي عدتها.
فرع:
قال في "الأم": وامرأة المفقود إذا ماتت عند الآخر، ثم قدم المفقود أخذ إرثه منها، فإن لم تدع شيئًا لم تأخذ من المهر شيئًا إذا لم يجد زوجته بعينها فلا حق له من ميراثها، وهذا صحيح ونقل المزني هذه المسألة إلى جامِعِه الكبير هكذا ونقلها في بعض النسخ في آخر هذا الباب إلى المختصر.
واعترض على قوله [ق ١٣١ ب] إذا لم يجد زوجته بعينها فلا حق له في ميراثها فقال: كيف لا يكون له حق ميراثها، وقد ماتت وهي زوجته، ثم قال يوقف نصيب المفقود وينظر أحي هو فيأخذ حقه أو ميت فيرد على ورثتها؟ ونحن نتكلم على فقه