إذا فرق الحاكم بين المفقود وامرأته، ثم تزوجت، فإن قلنا: الفرقة وقعت ظاهرًا وباطنًا فالنكاح الثاني صحيح قطعًا، ويلزمها أن تعتد عن الثاني عدة الوفاة إذا مات ولا شيء عليها بوفاة الزوج الأول. وإن قلنا: الفرقة تقع ظاهرًا دون الباطن وكان الأول حيًا يومئذٍ بينا بطلان النكاح وكان وطء الثاني في وطء شبهة، فإذا مات الأول يلزمها عدة منه بكل حالٍ، غير أنها لا تشرع فيها عقيب وفاته لأنها فراش للثاني ما لم يفرق بينهما فإذا فرق بينهما شرعت في عدة الوفاة من الأول وعليها أن تعتد بثلاثة أقراء من الثاني، وإن كانت زوجة للأول عند الإصابة، ولا تشرع في عدتها من الثاني أيضًا حتى يفرق بينهما.
فإذا تقرر هذا وماتا معًا وجبت عليها عدتان؛ عدة الوفاة وعدة الوطء بالشبهة، ولا تتداخل العدتان بل تعتد أربعة أشهر وعشرًا وثلاثة أقراء؛ لأنهما عدتان لرجلين. ويفارق هذا إذا طلق إحدى امرأتيه ثلاثًا ومات قبل البيان، فعلى كل واحدة منهما أن تعتد أقصى الأجلين من ثلاثة أقراء وأربعة أشهر وعشرًا؛ لأنها عدة واحدة من واحد ولكنها لا تعلم أنها بالأشهر أو بالأقراء وههنا عدتان لرجلين فلم يتداخلا.
فإذا تقرر هذا رجعنا إلى تفصيل المسألة فنقول: إذا ماتا لا يخلو [ق ١٣٠ ب] من ثلاثة أحوال:
إما أن يعرف السابق منهما بعينه.
أو يعرف وقت موت أحدهما ولا يعرف موت الآخر فيجوز أن يكون قبله ويجوز أن يكون بعده. أو يعرف أن أحدهما سابق للآخر ولا يعرف عين السابق من المتأخر، فإن عرف السابق منهما مثل أن يعلم أن زوجها المفقود مات في أول المحرم، وزوجها الحاضر مات في أول صفر فههنا بين موت الأول والثاني شهر، فعليها أن تعتد أولًا عدة الوفاة من الزوج [الأول] وهي أربعة أشهر وعشر، فإذا انقضت اعتدت من وطء الثاني ثلاثة أقراء ولا تجب عليها من الثاني عدة الوفاة، وتبتدئ بها من حين موت الثاني لأنها في الشهر [الذي] تبين موتهما كانت فراشًا للثاني يطأها فكيف يجوز أن تكون معتدة فيه، ولأن الوطء يقطع دوام العدة، فلأن يمنع ابتدائها أولى؛ لأن الدوام آكد من الابتداء، وإن كان السابق بالموت هو الواطئ في النكاح الفاسد فإن مات في أول المحرم، ومات