للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النظرة فإن الأولى لك والثانية عليك". ودليلنا على أبي حنيفة قوله تعالى: {ولا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ} [النور: ٣١] يعني الساقين. ودليلنا على داود قوله تعالى: {ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} يعني الوجه والكفين. ويدل عليها ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أسماء دخلت على عائشة وعليها ثوب رقيق فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "أما علمت أن المرأة إذا حاضت حرم كل شيء منها إلا هذا" وأشار إلى وجهه وكفيه.

ودليلنا على المغربي رواية جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أراد أحدكم خطبة امرأة فلينظر إلى وجهها وكفيها فإن في أعين الأنصار شيئًا أو قال: سواء". وروى أبو الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قذف الله في قلب أحدكم خطبة امرأة فليتأمل خلقتها". وروى أبو بكر محمد بن عمر بن حزم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما النساء لعب فإذا اتخذ أحدكم لعبة فليستحسنها". وروى بكر بن عبد الله عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة من الأنصار فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" وفي يؤدم قولان:

أحدهما: وهو قول أصحاب الحديث: أنه يعني يدوم فقدم الواو على الدال كما قال في ثمر الأراكة: "كلوا منه الأسود فإنه أطيب". بمعنى أطيب فيكون مأخوذًا من الدوام.

والقول الثاني: وهو قول أهل اللغة أنه المحابة وأن لا يتنافروا مأخوذًا من إذام الطعام؛ لأنه يطيب به فيكون مأخوذًا من إدام لا من الدوام. ثم من حر الدليل على جواز أن ينظر المعقود عليه أبلغ من صحة العقد من فقده فاقتصر على نظر الوجه والكفين لخروجهما عن حكم العروة، وأن في الوجه ما يستدل به على الجمال. وفي الكفين ما يستدل به على خصب البدن ونعمته فأغناه ذلك عن النظر إلى غيره.

فصل:

فإذا ثبت ذلك جاز نظره بإذنها وبغير إذنها. وقال مالك: لا يجوز أن ينظر إلا بإذنها، ودليله رواية جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل". قال: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>