في التدبير فرجع السيد عن تدبيره الأم وهي حامل، أو ولدت وماتت الأم، فهل يبطل التدبير في الولد؟ نص الشافعي على أنه يبطل ويكون الولد باقيًا على تدبيره يعتق بموت السيد لأنهما مدبران، فإذا بطل التدبير في أحدهما لم يبطل في الآخر كالعبدين، ويفارق ولد المكاتبة إذا قلنا: يعتق بأداء النجوم فعجزت نفسها وفسخت الكتابة، فإنها تنفسخ في الولد ولا يعتق، والفرق بينهما أنا لم نجعل ولد المكاتبة مكاتبًا، ولا أدخلناه في العقد، وإنما جعلناه موقوفًا على حريتها في أحد القولين لأنه حصل في ملكها، فإذا عادت رقيقة عاد الولد رقيقا، وههنا جعلنا ولد المدبرة مدبرًا، ولأن عتق الولد هناك يتعلق بأدائها النجوم، فإذا فسخت الكتابة بطل أداء النجوم، فلا تحصل صفة العتق في الولد، وليس كذلك في التدبير، فإن الصفة موت السيد، وذلك لا يسقط بطلان التدبير في الأم، ولو رجع في تدبير الولد لم يكن رجوعًا في تدبير الأم للعلة التي ذكرناها، ولو أعتق الولد في البطن لم تعتق الأم، فلا يبطل تدبيرها بالرجوع في تدبير الحمل.
فرع
لو رجع في تدبيره ثم ولدت لأقل من ستة أشهر من يوم رجعل فالولد مدبر لأنه كان في بطنها قبل رجوعه عن تدبيره، وإن وضعت لأكثر من ستة أشهر من يوم رجع فهو مملوك، وهذا إذا كان لها زوج فأتت بولد وإن حكمنا بلحوق الولد [٣٦/ ب] بالأب هل يكون مدبرًا؟ فيه قولان: أحدهما: يتبعها كما يحكم به في النسب، والثاني: لا يتبعها لأن النسب آكد في ثبوته بالإمكان.
قال المزني: لما حكي هذا الفصل عن الشافعي رضي الله عنه هذا أيضا رجوع في التدبير بغير إخراج من ملكه فتفهم، قلنا له: أجاب الشافعي على أحد القولين، فأي إشكال في هذا حتى يحتاج إلى تفهمه؟
فرع آخر
لو كانت له أمة حامل فدبرها فالحمل يتبع الأم في التدبير نص عليه في «الأم»، ولا يختلف مذهبه فيه، فإن قيل: جعلتم الولد تابعًا للأم في التدبير ولم تجعلوه تابعًا للأم في التدبير، ولم يجعلوه تابعًا لها في الرجوع، قلنا: لأن للحرية تغليبًا وسراية بخلاف الرجوع. وقال القفال: لا يتبع الحمل الأم في المدعو قولاً واحدًا، وهو اختيار المزني، وقال بعض أصحابنا: الترتيب فيه. أما إذا قلنا: الولد الحادث يتبعها فههنا قولان بناءً على أن الحمل يعرف أم لا؟ فإ، قلنا: لا يعرف، فهو كالحادث، وإن قلنا: يعرف فوجهان: أحدهما: يتبع لأنه عقد عتاق، والثاني: لا يتبع لأن العتاق سراية إلى نصيب الشريك إلى الولد بخلاف التدبير وهذا خلاف المنصوص والحمل يتبع الأم كما في العتق، والبيع ولا خلاف أنه لو مات السيد وهي حامل يعتق الولد