قد ذكرنا أن نكاح المكاتب يجوز بإذن السيد وكذلك نكاح المكاتبة، وقال القفال: لا يصح نكاحها بحال، وإن زوجها سيدها بإذنها قولاً واحدًا لأن ملك السيد فيها ناقص، وهي في نفسها ناقصة. وقال بعض أصحابنا بخراسان:[١١٣/ ب] المشهور أنه لا يجوز وفيه وجه آخر أنه يجوز وكأنهما مبنيان على تبرعات المكاتب، وهذا غير صحيح عند أصحابنا بالعراق. قال القفال: ولا يجوز أيضًا تزويج أمة المكاتب وإن كان بإذن المكاتب، ولا يجوز للسيد أن يتزوج بأمة مكاتبه ولو تزوج بأمة ثم كاتب عبدًا، ثم اشترى المكاتب تلك الأمة لم يبطل النكاح، وكذلك لا تتزوج المرأة بعبد مكاتبها ولو تزوجت بعبد فاشتراه مكاتبها أو مكاتبتها لم تبطل كما لو اشترى لابنه زوجة ابنه لا يبطل، وقد ذكرنا فيما مضى وجهًا آخر أنه يبطل النكاح كما لا يجوز ابتداء النكاح وهو الأقيس.
مسألة: قال: «ولا يكفر في شيء من الكفارات إلا بالصوم».
قد ذكرنا هذا فيما تقدم لأن له عنية عن التكفير ب المال بأن يكفر بالصوم فلا يجوز له إتلاف المال بغير إذن سيده فيما لا حاجة له فيه، فإن أذن له السيد في التكفير بالمال، فإن كان بالإطعام، أو الكسوة، وقد ذكرنا قولين بناءً على أن العبد يملك بالتمليك أم لا، وقيل: إنهما مبنيان على القولين في تبرعاته بإذن سيده، ولو أذن له في التفكير بالإعتاق لا يجوز.
مسألة: قال: «وإن باع ولم يتفرقا حتى مات المكاتب وجب البيع».
ظاهر هذا أن خيار المجلس ينقطع بالموت، وقد ذكرنا ما فيه من الطرق في كتاب البيع، واختار ابن أبي هريرة أنه يقوم السيد مقامه. وقوله: وجب البيع أراد لا يبطل البيع بموته، ويقوم السيد مقامه فيه، [١١٤/ أ] قال: وهذا أصح التأويلات، وقال القاضي الطبري: هذا مخالف لكلام الشافعي في «الأم»، وذلك أنه قال: لو باع المكاتب، أو اشترى شراء جائزًا على أن المكاتب بالخيار ثلاثًا، أو أقل فلم تمض أيام الخيار حتى مات المكاتب قام السيد في الخيار مقام المكاتب في رد البيع وإمضائه، ولو باع أو اشترى شراءًا جائزًا بلا شرط خيار، فلم يفترقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه حتى مات المكاتب وجب البيع لأنه لم يختر الرد حتى مات، فالبيع جائز بالعقد الأول ففرق الشافعي بين خيار الشرط وخيار المجلس، فلم يصح ما قال هذا القائل، والظاهر منه قول آخر وأن المسألة على قولين، وأما خيار الشرط، فالفرق بينه وبين خيار المجلس أنه يختص بالعاقد ولا يتعداه وخيار الشرط لا يختص بالعاقد فإنه