تبرئني من الباقي لم يصح ذلك فإنه مضارع لربا الجاهلية، وذلك أن من كان له الدين إلى أجل إذا حل دينه يقول تقضي أو تربي، فإن قضى أدى وإن قال: أربي، زاد في الدين وفسح له في الأجل، وهذا المعنى موجود ههنا لأنه يسقط الحق في مقابلة نقصان الأجل [١١١/ أ] كما كانوا يزيدون في الدين في مقابلة الزيادة في الأجل وهذا لأن الأجال لا يجري عليها المعاوضات، فإذا ثبت هذا لم يصح القبض يسترجع المكاتب ما دفع إليه ويؤديه إذا حل الأجل ويرجع السيد إلى ما أسقط من المال.
فرع آخر
قال الشافعي رضي الله عنه:«فإن أحب أن يصح هذا فليرض المكاتب بالعجز، ويرض سيده بشيء يأخذه قبل أن يعتقه، فيجوز» فإن قال قائل: فإذا فعل هكذا ارتفعت الكتابة، وإذا ارتفعت فالسيد بالخيار إن شاء أعتقه وإن شاء لم يعتقه، قلنا: كذلك الأمر وما علينا من ذلك، وإنما أراد الشافعي: حالة تراضيهما ليحصل العتق بقبض صحيح، ويكون كالعتق على مال معلوم لما عجز عن مثل ذلك في الكتابة وبه قال صاحب «الإفصاح» وغيره الاحتياط للعبد أن يقول السيد: إذا عجزت نفسك وأديت خمسمائة، فأنت حر، فإذا عجز نفسه وأعطى ذلك فهو حر، ولا يمكن السيد الرجوع عنه وهذا أحوط مما ذكره الشافعي، وقيل: مراد الشافعي ما ذكر صاحب «الإفصاح»، وقال أبو حنيفة: يصح هذا الشرط والبراءة وعتق العبد إذا فعل السيد ما قال العبد وهذا لأن مال الكتابة غير مستقر فلا يكون دينًا صحيحًا، ولا يكون هذا معاوضة عن الأجل، فيحمل على أنه أخذ بعضه وأسقط بعضه وخالفه أبو يوسف وزفر، وهذا غلط لأن هذا ربا لأنه بيع ألف بخمسمائة على ما ذكرنا ولا شك أن هذا عوض في العقد وعدم الاستقرار لا يدل على أنه ليس بدين صحيح كالثمن قبل تسليم المبيع، فإذا تقرر هذا وفعل العبد ذلك وعتق يثبت بين السيد وبينه التراجع، فيحتسب له ما دفع من قيمته ويتراجعان الفضل لأنه جعل بدل العتق [١١١/ ب] الخمسمائة، والتعجيز، فلا يجوز أن يكون التعجيز بدلا عن العتق فكأنه أوقع العتق على بدل فاسد، فيسقط المسمى ويثبت التراجع بينهما.
واعلم أن المزني قال: قال الشافعي في هذا الموضع: إن وضع وتعجل لا يجوز، وقال في موضع آخر: إن وضع وتعجل جاز فأجازه في الدين، قال المزني: يجوز أحب إلي، قال أصحابنا: ليس ذلك على قولين، وإنما هو على اختلاف حالين فالموضع الذي قال: يجوز في الدين على ما حكاه المزني هو أن يتعجل ويضع ولا يجعله شرطًا، فإذا كان كذلك فهو جائز، والذي قال: لا يجوز إذا جعله شرطًا وهذا كما قال في كتاب الصلح: إذا كان له على آخر ألف درهم فأعطاه خمسمائة على أن