من الجميع في حال الحياة، والثاني: يلزم إطعام ستين مسكينًا لأن صومه شهرين لعبادة واحدة فلا يجوز أن يؤدي بعضه ويطعم عن بعضه، كما لا يجوز في اليوم الواحد فإذا بطل هذا وقد تعذر اليوم وجب الانتقال إلى ما جعل بدلًا عنه في بعض الأحوال وهو إطعام ستين مسكينًأ دون الرقبة، وإن قلنا: الاعتبار بحال الأداء أو بأغلظ الأحوال وجب إعتاق الرقبة لأن الرقبة في مال الورثة موجودة عند أداء الكفارة من الوارث، هكذا ذكره والدي رحمه الله تعالى. وعندي أنه بشروعه في الصوم ينتقل الحكم إليه ولا يعتبر ما بعده من القدرة على العتق أو الإطعام كما في حال حياته لا يعتبر ذلك.
مسألة: قال: "ولو دخلَ في الصومِ ثمَّ أيسرَ كانَ لهُ أن يمضيَ على الصيامِ".
إذا كان معسرًا عند وجوب الكفارة فشرع في الصوم ثم أيسر لا يلزمه الانتقال إلى العتق قولًا واحدًا ويستحب له ذلك وبه قال مالك، وأحمد، وقال أبو حنيفة والمزني: يلزمه الانتقال إليه وهذا غلط لأنه قدر على المبدل بعد شروعه في صوم البدل فلا يلزمه العود إليه كما لو وجد الهدي في صوم السبعة، وأعلم أن الكلام في هذا بعد التسليم أن الاعتبار في الكفارة بوقت الأداء، فإن قلنا: يعتبر بوقت الوجوب قبل وجد الرقبة وقبل الشروعه في الصوم لا يلزمه الإعتاق أيضًا إذا كان عند الوجوب معسرًا فلا يعيد الكلام هاهنا، واحتج المزني لمذهبه الذي مذهب أبي حنيفة [١٦٥/ ب] فقال: لو كان فرضه الصوم ما جاز له اختيار أبطال الفرض والرقبة فرض وحدها لا غيرها كما أن الوضوء بالماء فرض وحده لا غيره ولا خيار في ذلك بين أمرين. وقصده بهذا الكلام تقسيم كأنه قال: إما أن يكون فرضه الصوم أو العتق فإن كان الصوم فرضه فكيف لحرية العتق؟ وإن كان العتق فرضه فكيف لحرية الصيام، والكفارة مرتبة والجواب أن يقال: لا يستبعد مثل هذا التخيير في العبادة المرتبة، ألا ترى أن المسافر إذا كان معه من الماء ما يحتاج إليه فشرب ويمكنه صرفها إلى الوضوء بنوع من التحامل على التنفس من غير خوف التلف كان مخيرًا؛ إن شاء توضأ، وإن شاء تيمم. واحتج أيضًا بالمعتادة بالشهور، إذا رأت الحيض بطلب الشهور، وقد أجبنا عنه في كتاب الطهارة. واحتج أيضًا بقول الشافعي في الأمة تعتق وقد دخلت في العدة إنها لا تكون في عدتها حرة وتعتد عدة أمة. وفي المسافر يدخل في الصلاة ثم يقيم لا يكون في بعض صلاته مقيمًا، ويقصر. قلنا: الأمة إذا أعتقت فانتقلت إلى عدة الحرة لم يبطل عليها ما مضى من عدتها ولكنها تبني عليه، وكذلك المسافر إذا نوى المقام، وهذا الصائم لو كلفناه العود إلى الإعتاق أبطلنا عليه ما مضى من الصيام في حكم الإجزاء عن الكفارة فافترقا.